ما بعد «طوفان الأقصى» – الراي


لم يرَ العالم عبر التاريخ، مجزرة موثقة مثل ما حدث في السابع من شهر أكتوبر الماضي إلى يومنا هذا، حيث إنها عكست كم هو الإنسان يمكن أن يكون أسوأ الكائنات، وفق تبريرات دينية أو سياسية أو إستراتيجية.

وقد كانت الرواية الصهيونية هي السائدة لأكثر من سبعة عقود، هي عمر الكيان، لتأتي معركة «طوفان الأقصى» المجيدة التي كشفت كل الأقنعة، على حد تعبير المجاهد «أبوعبيدة»، كما أنها كشفت كذبة كبرى، هي أن جيش الكيان هو الأكثر جبناً والأكثر بشاعة في الانحطاط الأخلاقي والإنساني، طالما أن الحروب كانت لها بعض الضوابط الإنسانية المتعارف عليها، بدءاً بتجنّب المدنيين الأبرياء مروراً بحسن معاملة الأسرى وانتهاء باحترام القوانين الدولية.

ان جيش الكيان، إنما هو جيش فاشي، لم يترك شاردة ولا واردة في مصطلحات الجرائم الانسانية إلّا وقام بتنفيذها، علماً بأنه «جيش هش»، فهو لا يستطيع الصمود لولا الدعم غير المتناهي من قبل العديد من دول العالم متعدد اللغات التي يتحدثها.

ولأنه جيش جبان يقوم بسلوكيات جبانة ممنهجة، فقد ثقب قلوب الجنود، «رعب الجهاد» من قبل المقاومة الفلسطينية مما دفعهم إلى فرض بعض الفلسطينيين المدنيين ليكونوا دروعاً بشرية لتمشيط الأنفاق والمباني في غزة، علماً بأن كل جندي منهم مزوّد بكل وسائل الأمان، بينما المدنيون يمشون عراة أمامهم، كما نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.

فما كان من اللواء فايز الدويري، إلا أن علّق مردداً بيت شعر شهير للشاعر عمران بن حطان، إذ قال هرباً من الحجاج «أسد عليّ وفي الحروب نعامة»، رغم أنه شطر بيت، إلا أنه بات من عيون الشعر العربي.

الخلافات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، باتت علنية بعدما كانت مغلقة، وباتت تتسرّب لكل دول العالم، مما جعل نتنياهو في موقف حرج لكنه لا يبالي، خصوصاً بعد مقتل أسير إسرائيلي وإصابة أسيرتين، حيث إنه لم يحرك ساكناً لدى أصحاب القرار الإسرائيلي، إلا أنه بات يُشكّل ضغطاً كبيراً في الشارع الإسرائيلي.

وقد هاجم نتنياهو، غالانت، واتهمه بالإضرار بفرص التوصل الى صفقة لاستعادة الأسرى.

منظومة «القبة الحديدية»، لم تعد تكفي لكبح سلسلة الصواريخ القادمة للمدن اليهودية من قبل جنوب لبنان وقوات المقاومة الفلسطينية، التي أبدعت في حرب الشوارع، خصوصاً عندما تكون المسافة صفرية.

ولم تنجح محاولات جيش الكيان في الحد من عملياتها كون معظم الأنفاق «وهمية»، كما أن سياسة استدراج القوات لضربها باتت تتكرر، وهي عمليات تم تصويرها بتقنية عالية، وهناك عمليات أخرى لم يكن من السهل تصويرها، كما أن هناك فتحات كانت تحت السيطرة والمراقبة ومتى ما وصلت إلى نقطة ما، يتم التفجير الذي يحصد ضحايا كثر دفعت بالمروحيات إلى نقل المصابين والقتلى.

مصائد وضعتها المقاومة والتي باتت تستخدم التقنية المتطورة غير المكلفة، منها ما أعلنته عن تمكنها من تفجير ثلاثة عيون أنفاق فخخت مسبقاً بقوات العدو في حي تل السلطان في مدينة رفح الجنوبية.

وعندما ذهب نتنياهو الى الكونغرس الأميركي وجد تظاهرات رافضة لخطابه، ومنددة بترحيب الكونغرس بـ«مجرم حرب» مطلوب دولياً… وامتدت التظاهرات في مختلف العواصم العالمية التي كانت تدعم إسرائيل، مطالبة بوقف «الإبادة» في غزة.

كما أكدت محكمة العدل الدولية على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة، مما دفع بالكيان الى العزلة الجزئية، بل إن رئيس محكمة العدل الدولية فضح الكيان، وقال ان إسرائيل تخلّت عن التزاماتها في معاهدة مكافحة التمييز العنصري المبرمة عام 1965.

ومازال نتنياهو ومعه ثلة من المجرمين، يأملون بسيطرة ما على غزة الأبيّة، بسيناريو ما، في وقت إنهم يفتقرون إلى الذكاء الإستراتيجي، كما يفتقدون إلى الاستفادة من التاريخ، حيث الأجيال التي تدافع عن حريتها.

همسة:

سيكتب التاريخ، أن غزة سطّرت ملحمة إنسانية إسلامية عربية.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *