أتى رجل لعمرو بن مرثد فسأله أن يكلم له أمير المؤمنين، فوعده أن يفعل، فلما قام قال بعض من حضر: إنه ليس مستحقاً لما وعدته.
فقال عمرو: إن كنت صدقت في وصفك إياه فقد كذبت في ادعائك مودتنا، لأنّه إن كان مستحقاً كانت اليد موضعها، وإن لم يكن مستحقاً، فما زدت على أن أعلمتنا أنَّ لنا بمغيبنا عنك مثل الذي حضرت به من غاب من إخواننا.
البعض للأسف عندما يرى نعمة مقبلة على غيره ولا تنقص منه شيء وليس له أي سبب فيها تجده يحاول أن يفسدها بكلمة سوء لا يقبلها ولا يرضاها على نفسه ويتحدث بها عن غيره دون أن يخجل من نفسه، يقولها وكأنه ناصح ومحب وقد سوّلت له نفسه أن يغتاب غيره ويحاول أن يضرّه ويعلم أن كلمة السوء إذا قيلت لمن يفتقد إلى الحكمة لربما يصدقه ويأخذ غيره بها أو يمنع خيرا أو معروفا لهذا الشخص كان قد عزم على إتمامه، فيزيد المسيء في صحيفته ذنبا لا قيمة له وسيكون حسرة عليه في الدنيا والأعظم من ذلك حسرة عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، عندما نتحدث عن غيرنا فعلينا أن نذكرهم بأحسن أعمالهم وصفاتهم وكلماتهم ومواقفهم، قل تلك الصفات صدقاً وخشية من الله ضع نفسك مكانه وقل بما ترغب أن يقال فيك وتذكر دائماً أن الكلمة رسالة واسأل نفسك ما هي الرسالة التي ترغب في إيصالها هل هي رسالة خير لك ولغيرك وتعود لك بالنفع في الدنيا والآخرة أو وزر عليك تحمله من ذنوب غيرك وتُحمّل نفسك ما لا طاقة لك به، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه”.
اختر كلماتك بعناية فهي ستشهد لك أو عليك وتبين بها معدنك وأخلاقك مهما اختلفت مع غيرك تجنب أن تضرّه أو أذيته فإن اللحظة التي ستكون فيها سببا في أذية غيرك ستكون بها سبب في أذية نفسك والدنيا ستثبت لك ذلك، ولن تزيد من قيمتك، بل قيمة المرء في ذلك الأثر الطيب الذي يقوله ويفعله، والكلمة الطيبة التي تنفع صاحبها وسامعها، قال سعيد بن المسيب: كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ضع أمر أخيك على أحسنه، ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنَّن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملًا.
لذلك عندما تسمع عن أحد في غيابه ما لا تحب أن يقال عنك لا تصدق كل ما يقال ولا تأخذ على أخيك بما يقال عنه بالسوء بل بما تراه منه فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من علم من أخيه مروءة جميلة فلا يسمعنَّ فيه مقالات الرِّجال، ومن حَسُنت علانيته فنحن لسريرته أرجى.
وقيل: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه .. وصدق ما يعتاده من توهم.
