سيناريوهات مقترحة:
– إقراض المبادرين وفقاً للآلية الحالية بعد معالجة التحديات مالياً وهيكلياً
– نقل إدار ة «المشروعات الصغيرة» تحت مظلة البنك الصناعي بحكم تَخَصّصه
– إسناد «الصندوق» إلى شركة حكومية مُتخصّصة استمارياً أو عقارياً مثل «وفرة»
– التأمين على قروض المبادرين لتفادي مخاطر تعثر المبادرين على المال العام
– تعديل القانون بما يواكب متغيرات الأعمال التي طرأت ويحقق المستهدف
في إطار النقاشات الحكومية المتجددة حول مستقبل الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، علمت «الراي» من مصادر ذات صلة أنه تم الطلب من مسؤولي «الصندوق» تقديم سيناريوهات محددة لاستئناف تنظيم تلقي طلبات تمويل وإقراض المبادرين، المتوقفة منذ بدء تداعيات جائحة كورونا 2020، وذلك خلال 100 يوم بدأ عدادها العكسي في الدوران منذ نحو شهر.
وفي التفاصيل، ووسط الجدال المتجدد بين مؤيد ومعارض لفتح باب «الصندوق» مجدداً لإقراض المبادرين في ظل معطياته الحالية مالياً، وإدارياً يعكف مسؤولو سياسة «المشروعات الصغيرة» على وضع أكثر من سيناريو لإدارة أموال وقروض الصندوق، من بينها «تفكيك» «الصندوق» إلى صناديق تمويلية برؤوس أموال مجزأة من رأسماله الذي يبلغ ملياري دينار، مشيرة إلى أنه منذ منحه أول تمويل لمبادر في فبراير 2016 وحتى الآن، مول «الصندوق» 1084 مبادراً، و760 مشروعاً قائماً، فيما بلغ حجم تمويلاته نحو 220 مليون دينار.
إحكام الرقابة
وحسب المصادر بحث مسؤولو «الصندوق» مع مسؤولين من القطاع الخاص والعام، ضموا بنوكاً وشركات والبنك الصناعي، أفضل الحلول التمويلية التي يمكن أن تقدم للمبادرين وتحيي نشاط «رواد الأعمال» مجدداً.
فضلاً عن إحكام الرقابة على المشروعات الممولة سواء مباشرة أو عبر مديرين آخرين، وإلزام المبادرين بتقديم بياناتهم المالية وفقاً للمدد المحددة، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين، فيما بينت المصادر أنه وفقاً للمناقشات المفتوحة في هذا الخصوص (لا تزال محل دراسة) هناك 6 سيناريوهات مقترحة كالتالي:
1 – يستأنف «المشروعات الصغيرة» تلقي طلبات تمويل وإقراض المبادرين وفقاً لآلية عمله الحالية، على أن تتم معالجة التعقيدات التي تواجه ذلك، وفي مقدمتها ضعف تدفق الأموال الرأسمالية، والذي يتم تحديد معدله بناء على مدى تراجع مستويات السيولة في صندوق الاحتياطي العام، ما يعني أن استمرار ضعف «الكاش» سيقف حائط صد قوياً أمام إمكانية العودة لتمويل المبادرين الجدد.
يذكر أنه منذ 2020 هناك اتفاقاً بين«المالية» و«الصندوق» تقضي بتزويد الأخير بسيولة تمويلية تقارب 10 ملايين دينار كل 3 أشهر تقريباً لتمويل دفعات المشاريع المقررة سابقاً.
إضافة إلى ذلك يواجه «الصندوق» تحديات تتعلق بهيكل عمله، حيث يشكو ضعفاً واضحاً سواء في الإدارة التنفيذية وفي موظفيه التقليديين، حيث تكفي الإشارة إلى أن إدارة المراقبة على مشاريع المباردين المقترضين تتكون من نحو 5 موظفين!
وبالطبع يأتي هذا المقترح على رأس السيناريوهات، لكن العمل به مرهون برسم تلافي التحديات المالية والهيكلية المحددة.
2 – أما السيناريو الثاني فيتعلق بتوزيع رأسمال «المشروعات الصغيرة» إلى محافظ يتم إسناد إدارتها إلى مديرين من القطاع الخاص مختصين بالتمويل مقابل رسم، من قبيل البنوك وشركات التمويل، وفي هذه الحالة تتم تجزئة رأسمال «الصندوق» إلى حصص مصدرة ومدفوعة حسب السحب التمويلي من كل جهة، على أن يلتزم مدير الصندوق بمنح تمويلاته في إطار السياسة الائتمانية التي حددها القانون، وهنا يقتصر دور«الصندوق» على الرقابة.
ويحظى هذا السيناريو بتأييد واسع من أكثر من مسؤولو تجعله في المنطقة «الخضراء»، خصوصاً أنه يحقق الغرض التمويلي الذي من أجله تأسس «الصندوق» ومن ناحية ثانية يتحمل مدير المحفظة مخاطر اتخاذ أي قرارات تمويلية خاطئة، فضلاً على مسؤوليته في التحصيل.
ويشبه هذا السيناريو نموذج عمل الهيئة العامة للاستثمار الذي اتبعته في إدارة المحفظة الوطنية التي أسستها لمواجهة تداعيات أزمة 2008 برأسمال حكومي مجمع يبلغ 1.5 مليار دينار، حيث تم إسناد إدارة الأموال المدفوعة من رأسمال المحفظة للاستثمار في بورصة الكويت إلى شركات محلية معلوم عنها كفاءة الإدارة في هذا القطاع، فيما تمت إدارتها وفقاً لقواعد عمل «هيئة الاستثمار».
3 – يدفع السيناريو الثالث بإسناد محفظة الصندوق إلى البنك الصناعي، باعتبار أن لديه إدارة مختصة بإدارة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حققت نجاحات مناسبة لجهة صرف التمويلات وتحصيلها، مع تسجيل نسبة مخاطر مقبولة وغير مكلفة على رأس المال، أخذاً بالاعتبار أن هذا السيناريو، لا يحظى برفض أو تأييد واسع، ما يعني أن إمكانية تنفيذه مبوبة في منطقة رمادية أقله حتى الآن.
4 – إسناد تمويلات الصندوق إلى شركة حكومية متخصصة استمارياً أو عقارياً، وهنا يتبادر إلى الذهن شركتي وفرة للاستثمار ووفرة العقارية التابعتين للمؤسسة العام للتأمينات، وفي هذه الحالة تتحقق فائدة مزدوجة، تتمثل في استئناف تمويل «الصندوق» تحت إدارة أكثر تخصصاً وتحقيق المال العام لعوائد إضافية من خلال رسم الإدارة الذي ستحصل عليها الشركة الحكومية مقابل إدارتها لـ«المشروعات الصغيرة».
5 – التأمين على جميع قروض محافظ «الصندوق» وفي هذا الحالة تتحمل شركة التأمين تكلفة أي تعثر قد ينشأ مستقبلاً لأي مبادر، لكن هذا الخيار يتطلب ضمان الإدارة والتوجيه الصحيحين من قبل مسؤولي «المشروعات الصغيرة».
6 – يبرز مقترح تعديل قانون «المشروعات الصغيرة» بما يواكب المتغيرات التي طرأت الفترة الأخيرة على بيئة الأعمال والأسواق محلياً وخارجياً، على أن يضمن ذلك تحقيق المستهدف من تأسيس«الصندوق»، وحسن توجيه تمويلاته إلى المبادرين المستحقين، وفي الوقت نفسه يحمي المال العام من مخاطر تعثر أيّ من رواد الأعمال مستقبلاً.
حسم نهائي
وإلى ذلك أكدت المصادر أنه لا يوجد حتى الآن أي حسم نهائي لأي سيناريو، حيث لاتزال الاجتماعات مفتوحة بين مسؤولي الصندوق والبنوك والشركات للتوصل إلى أفضل المقترحات الممكنة.
كشف حقيقة المبادرين المتعثرين يبدأ من عودة تسديد أقساطهم
تأسس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة 2013، برأسمال يبلغ مليارَي دينار، وحملت تسميته مصطلح رعاية وتنمية تلك المشروعات، ومع ذلك لم يحدث أي منهما على أرض الواقع حتى الآن، علمأ أنه قد سبقته الشركة الكويتية لتطوير المشروعات الصغيرة التي تأسست 1997، وفشلت.
ومحاسبياً تبلغ نسبة التعثر الكلية المسجلة لدى «الصندوق» 10 في المئة، بواقع 138 مبادراً متعثراً بقرار مجلس الإدارة، لكن على أرض الواقع لا تعكس هذه الأرقام حقيقة الوضع المالي في «الصندوق».
فمنذ بدء تداعيات «كورونا» 2020 تأجلت أقساط قروض أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة 6 مرات تنتهي أكتوبر المقبل، وحتى العودة مجدداً لتسديد الأقساط لا يمكن وضع توقع محدد لإجمالي المبادرين المتعثرين وقيم أقساطهم الحقيقية، حيث سيتحدد ذلك مع عودة تدفقات الأقساط مجدداً، وليس قبلها.