5 نزاعات مسلحة قد تهيمن على العالم في 2025



أكد الأستاذ في العلوم السياسية الفرنسي، لوران سيليرييه، أن البحر أصبح مجالاً حيوياً للجغرافيا السياسية العالمية، مشيراً إلى صراعات «هجينة» لحماية الكابلات أو حول تايوان، فيما حذرت صحيفة إيكو الفرنسية من 5 اضطرابات مسلحة قد تندلع خلال العام، أبرزها بين الكوريتين الجنوبية والشمالية، أو في منطقة الساحل أو في إيران.

وأوضح سيليرييه، وهو قائد سفينة أيضاً، في مقالة نشرتها صحيفة لوموند، أن البحر بات مسرحاً أساسياً للتنافس الجيوسياسي العالمي، مشيراً إلى 4 عوامل حاسمة، هي البنية التحتية تحت الماء التي تتعرض لهجمات «هجينة»، والتهريب البحري غير القانوني، والهجمات غير المتماثلة بواسطة الطائرات من دون طيار، والتهديد البحري الصيني.

وشهد عام 2024 إضافة 15 كابلاً جديداً للاتصالات البحرية إلى إجمالي 559 كابلاً تم وضعها بالفعل حول العالم. وفي نوفمبر 2024، أصابت حادثتان الكابلات البحرية في بحر البلطيق، حيث تشتبه السويد في تعمّد ناقلة بضائع صينية سحب مرساتها على هذه الكابلات.

وفي 24 ديسمبر الماضي، انقطعت الكهرباء بين فنلندا وإستونيا، في حادث تسببت فيه ناقلة إيغل إس القادمة من روسيا، في حوادث يصعب تحديد المسؤولين عنها، لكنها تعكس ارتفاعاً في التكتيكات الهجينة والعمليات السرية التي تهدف إلى ممارسة الضغوط من دون إثارة مواجهة مباشرة.

وفي مواجهة هذه التهديدات، يخطط «ناتو» هذا العام إلى تعزيز مراقبة المناطق والسفن الحيوية، مثل سفينة يانتار الروسية المتخصصة في الاستخبارات تحت الماء.

وفي الوقت نفسه، أنشأت الأمم المتحدة مجلس خبراء مسؤولاً عن اقتراح استراتيجيات حماية هذه البنى التحتية والكابلات التي تؤمّن 95 بالمئة من الاتصالات العالمية، وحصة متزايدة من عمليات نقل الطاقة.

«أسطول الأشباح»

ومن التحديات الأخرى التي تواجه النظام البحري، الاشتباه في أن «أسطول الأشباح» الروسي يسمح بالتحايل على العقوبات الاقتصادية، فمنذ بداية الحظر الغربي على صادرات النفط الروسية، اعتمدت موسكو على أسطول شبحي يقدر بنحو 600 سفينة قديمة، تعمل تحت أعلام متفرقة وتفلت من العقوبات عبر نقل حوالي 1.7 مليون برميل من النفط يومياً.

نزاعات إقليمية

إلى جانب التحديات البحرية، من المتوقع أن يشهد العام الحالي تصاعداً في التوترات الجيوسياسية في عدة مناطق، على رأسها الشرق الأوسط، الذي أصبح مسرحاً لسلسلة من النزاعات الإقليمية، بينما قد تشهد إيران، التي أضعفتها العقوبات والضغوط الخارجية، تحولات واضطرابات داخلية.

كما تنذر هذه التوترات الجيوسياسية منطقة الساحل في إفريقيا، التي شهدت انقلابات وتغيرات في التحالفات، وروسيا، التي تواجه من جانبها تحديات هائلة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وآسيا، حيث تواصل الصين الضغط على تايوان، بينما تظل كوريا الشمالية وتركيا نقاط توتر.

الشرق الأوسط

وتعاني منطقة الشرق الأوسط بالفعل اضطرابات قد تؤدي أي شرارة فيها إلى إشعال النار، وفق أستاذ العلوم السياسية، مدير مركز دراسات العلاقات الدولية في بلجيكا، سيباستيان سانتاندير، مضيفاً أن العالم شهد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية انخفاضاً في الحروب بين الدول مقابل ارتفاع في الحروب داخل الدول، مثل الحروب الأهلية، والحروب ضد المنظمات، مثل «داعش».

ومع استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة وسقوط نظام الأسد في سورية أخيراً، قد تندلع اضطرابات داخلية في إيران «الضعيفة جداً»، كما يشير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كاليفورنيا، ميشيل لييجوا، بينما جميع حلفائها مستهدفون من إسرائيل.

وأوضح لييجوا أن طهران، المتضررة من العقوبات الدولية، تفقد قدرتها على الإزعاج الخارجي، و»قد يكون لهذا عواقب داخلية، إذ قد يشعر الشعب الإيراني بضعف النظام وينتفض لفرض التغيير».

ومنذ بداية الحرب في غزة، خلق الحوثيون في اليمن حالة من انعدام الأمن في البحر الأحمر، من خلال مهاجمة السفن التي يعتبرونها تتاجر مع الدولة العبرية. و»من بين حلفاء إيران، يجب أن يكون الحوثيون آخر أحجار الدومينو التي تسقط»، كما يتصور لييجوا، موضحاً أنه لم يعد بإمكان بعض الدول الاكتفاء بالدفاع السلبي عن المنطقة ومهاجمة القوات المسببة للخطر، من خلال استهداف مواقع إطلاق الصواريخ على وجه الخصوص، كما تفعل الولايات المتحدة، ورجّح أن تكون هذه هي الأولوية التالية لإسرائيل، بدعم من الدول الغربية.

إفريقيا والحروب الأهلية

وفي القارة الإفريقية، أصبحت عدة مناطق بالفعل فريسة للاضطرابات، ففي منطقة الصحراء والساحل، شهدت مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون وتشاد انقلابات واضطرابات عسكرية في الآونة الأخيرة، أفضت إلى طرد القوات الأميركية والفرنسية واستبدالها بمرتزقة روسية.

وفي غضون 5 سنوات، شهدت دول غرب إفريقيا تحولاً كبيراً، حيث أصبحت الآن تتجه نحو روسيا ومجموعة فاغنر، التي أعيدت تسميتها بفيلق إفريقيا، لحماية نفسها من هجمات الإسلاميين.

واعتبر لييجوا هذه التطورات «تحولاً جيوسياسياً كبيراً، إذ كانت الدول الأوروبية مرتبطة بقوة بهذه الدول، من أجل التعاون، ولكن أيضاً من أجل تنظيم عبور المهاجرين. عندما نرفض الاتفاقيات العسكرية ونطرد الجيوش الغربية، فإن هذه الاتفاقيات ستسقط»، مشيراً إلى أن النيجر قد ألغت «تجريم» شبكات نقل اللاجئين، ولم يعد هذا الاتجار بالبشر خاضعاً للعقاب، ويمكن استئناف تدفقاته.

ومن الواضح أن تدهور الوضع الاقتصادي والأمني يشكّل مصدر قلق يتجاوز هذه البلدان، حيث يعتقد لييجوا أن «هذا يهدد بالمجاعة وتحركات السكان، بالتالي تفاقم الشعبوية وزعزعة استقرار بعض الأنظمة».

ويبدو أن العديد من الدول الإفريقية في الوقت الحالي على وشك الدخول في حرب أهلية، مثل ليبيا والصومال، بينما تشهد موزمبيق موجة من أعمال العنف أدت إلى نزوح جماعي للسكان منذ انتخاب رئيسها الجديد.

ويضيف سيباستيان سانتاندير أن «السودان يمرّ بفترة انتقالية سياسية هشة جداً، حيث تؤدي الاشتباكات بين الفصائل المتناحرة إلى زعزعة استقرار البلاد».

رقعة الشطرنج الروسية

وعلى غرار إيران، تحمل روسيا بذور زعزعة الاستقرار الداخلي، حيث «تتقدم القوات الروسية على الأرض في أوكرانيا؛ وقد يبدو هذا بمنزلة انتصار عسكري، لكن الثمن الذي يجب دفعه باهظ جداً، لدرجة أن السكان قد يتوقفون في مرحلة ما عن قبول مثل هذه الخسائر والعقوبات»، وفق ما رجّح لييجوا، متوقعاً أن ينقلب الشعب الروسي على الرئيس بوتين «إذا لم تكن الظروف ملائمة له».

غير أن لييجوا استبعد أن تشن موسكو حملات عسكرية أخرى في فنلندا أو دول البلطيق على سبيل المثال، مضيفاً «ليس قبل انتهاء الحرب في أوكرانيا، حيث تكرس روسيا كل قدراتها العسكرية لهذا الصراع، وليس لديها إمكانية لفتح جبهة أخرى».

وتعيش العديد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة في ظل توتر، فهي ممزقة بين أحلام التحرر وتلاعب موسكو بفرض زعماء مؤيدين لها، مما يفسر الأزمة السياسية الحادة في جورجيا مثلاً.

المخاطر الآسيوية

وفي آسيا، تُعَد الصين القوة العظمى التي تريد تعزيز بيادقها على المستوى الإقليمي، بينما يلوح في الأفق «شبح إعادة توحيد قسري» في سماء تايوان، التي تعتبرها بكين إحدى مقاطعاتها.

وقال سانتاندير «تهدد التوترات بالتصاعد بين الصين والولايات المتحدة، التي تدعم تايوان عسكرياً، خصوصاً بعد تعيين ترامب لماركو روبيو، المناهض للصين والشخص غير المرغوب فيه في بكين. لكن يبدو أن هناك الكثير من القضايا الاقتصادية، تجارياً ومالياً، التي قد تؤدي إلى صراع مسلح».

وتجتذب كوريا الشمالية دائماً الأضواء، وخاصة بسبب المخاطر التي تفرضها عمليات إطلاق الصواريخ. ويشير لييجوا إلى أنه «من الممكن أن يقع حادث في يوم من الأيام، حيث يسقط صاروخ على منطقة مأهولة. وتشعر اليابان بالقلق من احتمال استئناف الصراع مع كوريا الجنوبية».

ولا تزال تركيا تشعر بالتهديد «بسبب التطلعات الكردية لإقامة دولتهم، التي ستكون قوية، بالنظر إلى النفط الموجود في الأراضي الواقعة بشمال العراق»، كما يقول سانتاندير.

وتحافظ أنقرة على وجود عسكري في شمال سورية، حيث تقاتل بشراسة قوات سورية الديموقراطية، التي يهيمن عليها الأكراد بدعم من الولايات المتحدة. ويبقى أن نرى ما الذي سيحدث لقوات الدفاع والأمن هذه مع وصول نظام جديد إلى السلطة في دمشق، والذي يرغب في دمجهم بالجيش الرسمي المستقبلي.

المكسيك في مواجهة ترامب

وتكاد تكون المكسيك في حالة حرب أهلية بسبب شبكات تهريب المخدرات، مما يسبب معدل وفيات مرتفعا جداً. وقد يؤدي وصول ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة إلى تفاقم هذا الوضع.

ولا يقتصر الأمر على أن العصابات تزرع بذور العنف الذي يروع السكان، بل إنها نفسها، على المستوى الداخلي، فريسة للانشقاقات القوية. بالتالي فإن كارتل سينالوا القوي أصبح موضوع صراع مفتوح بين فصيلين، مما يزيد من عدم الاستقرار، في حين أن الفساد مستشرٍ بالفعل في المكسيك.

ويوضح سانتاندير أن «خطاب ترامب مخيف، بالتالي يهدد بإشعال التوترات من جديد»، حيث يريد الرئيس المنتخب إدراج عصابات المخدرات على قائمة الجهات الإرهابية، لذلك تخشى السلطات المكسيكية تدخّل الولايات المتحدة في شؤونها الداخلية.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *