بالتزامن مع التأكيد على أهمية الجهود الكبيرة والمتميزة التي تقدمها الدولة في علاج المدمنين، اقترح عدد من المتخصصين في هذا الشأن السماح للقطاع الأهلي بفتح مصحات خاصة لعلاج الإدمان، وتطرقوا إلى أهمية زيادة عدد المباني التابعة لوزارة الصحة لتضم أعداداً أكثر من الأسرة، وافتتاح أفرع لمركز علاج الإدمان في كل محافظة.
ورأى المتخصصون، في تصريحات لـ«الراي» أن هذه الحلول قد تقلل من سفر البعض إلى الخارج للعلاج من الإدمان. وأرجعوا أسبابه إلى عوامل متعددة، محذرين في الوقت نفسه من أن المخدرات سبب رئيسي للجرائم، استناداً إلى الإحصائيات الرسمية التي تُظهر أن غالبية الجرائم في البلاد مرتبطة ارتباطاً مباشراً بتعاطي وبيع المخدرات.
نايف المطوع: السجائر إدمان… والحشيش تعوّد
شدد أستاذ علم النفس الإكلينيكي في جامعة الكويت الدكتور نايف المطوع، على أن «إدمان المواد الكيماوية مأساة تدمر المخ»، مشيراً إلى أنه «يتم تعريف الإدمان على أنه الرغبة المتصلة في الحصول على جرعات أكثر وأكثر، وإذا توقفت تلك الجرعات تحدث أعراض انسحابية، والثقافة والوعي هما الطريق لبيان أضرار هذا الإدمان».
وشدد على «أهمية التوعية والتعامل مع الإدمان كمرض، لأن من يتعاطى يقوم بأفعال أخرى مثل الكذب والسرقة»، مشيراً إلى أن «تدخين السجائر يعد إدماناً، بعكس الحشيش فهو تعود».
وعن ملاحظاته عن المرضى الذين يترددون عليه، قال«لاحظت أن من يقوم بعمل تكميم معدة ترتفع إمكانية تناوله للكحول، وبالنسبة لأولئك الذين يتناولون المخدرات الكيميائية مثل الشبو، فأنا أحيلهم للمستشفى بشكل فوري».
مريم العازمي: العيادات الخاصة أحد الحلول
قالت الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة السابق، المستشارة الأسرية الدكتورة مريم العازمي، إن «قضية الإدمان تعتبر من أخطر التحديات الصحية والاجتماعية التي تواجه المجتمعات، لما لها من انعكاسات مباشرة على الفرد والأسرة والمجتمع ككل، في ظل تزايد حالات الإدمان وتنوع أشكاله (المخدرات، الكحول، الأدوية المهدئة..) ومع ارتفاع الجرائم بسبب تلك الآفة».
وشددت على أن «مقترح السماح بترخيص عيادات خاصة متخصصة في علاج الإدمان، يبرز كأحد الحلول المطروحة لدعم الجهود الحكومية والمراكز الرسمية القائمة».
5 مبررات
ذكرت الدكتورة مريم العازمي 5 مبررات للجوء إلى العيادات الخاصة:
1 – الطلب المتزايد على خدمات العلاج، فالمراكز الحكومية وحدها قد لا تستوعب جميع الحالات، ما يخلق ضغطاً على قوائم الانتظار ويؤخر التدخل المبكر.
2 – توفير بيئة علاجية متنوعة، لأن وجود القطاع الخاص يعزز من الخيارات المتاحة للمرضى وأسرهم، من حيث طرق العلاج والخدمات المقدمة.
3 – التكامل بين القطاعين العام والخاص، فالعيادات الخاصة يمكن أن تكون رديفاً وداعماً للمؤسسات الحكومية، ما يحقق توزيعاً أفضل للموارد.
4 – التشجيع على البحث والتطوير، ففتح المجال أمام عيادات خاصة يشجع على إدخال أساليب حديثة وتقنيات علاجية مبتكرة.
5 – تخفيف الوصمة الاجتماعية، لأنه قد يجد بعض المرضى وأسرهم راحة أكبر في مراجعة عيادات خاصة أكثر خصوصية وسرية.
غنيمة كرم: الطاقة الاستيعابية الحكومية.. غير كافية
– يلجأ الكثيرون للعلاج في الخارج ما يكلّفهم مبالغ باهظة
أكدت نائبة رئيس مركز نجاحات للاستشارات النفسية والاجتماعية، الاستشارية وعضو المجلس الاستشاري الأسري الكويتي في منظمة الأسرة العربية التابعة لجامعة الدول العربية غنيمة حبيب كرم، أنه «في ظل تزايد معدلات إدمان الشباب في الكويت، بات من الضروري معالجة بعض الأسباب التي تزيد من تنامي هذه المعدلات، وأهمها البطالة، وضغط الأقران ودور الأسرة في التربية والتوعية».
وقالت كرم إنه «رغم الجهود التي تبذلها الدولة لعلاج الإدمان وتحصين المجتمع من تلك الآفة، لكن مازالت إشكالية الطاقة الاستيعابية لمراكز علاج الإدمان التابع لوزارة الصحة غير كافية، حيث تشير آخر إحصاءات وزارة الصحة إلى أن الطاقة الاستيعابية لمركزي علاج الإدمان القديم والجديد، 500 سرير فقط، ولذلك يلجأ الكثير لمراكز العلاج خارج الكويت ما يكلف الأسر مبالغ باهظة».
وأضافت «لذا أناشد الحكومة بالموافقة والسماح للقطاع الأهلي بفتح مصحات خاصة لعلاج الإدمان داخل الكويت، حتى لا يضطر الموطنون والمقيمون للسفر، كما أقترح زيادة عدد المباني لتضم أعداداً أكثر من الأسرة ونأمل كذلك في افتتاح أفرع لمركز علاج الإدمان في كل محافظة، وكذلك تعديل التشريعات والقوانين الخاصة بالإدمان لتتماشى مع طبيعة المرض حتى نضمن نتائج إيجابية بالعلاج».
أسباب
وشدّدت كرم على أن «البطالة تلعب دوراً كبيراً في تزايد حالات الإدمان في المجتمع الكويتي أو في المجتمعات الأخرى، ولاسيما أن الإحصاءات الرسمية الحديثة أشارت إلى أن عدد العاطلين عن العمل من الشباب الكويتي وصل في منتصف عام 2025 إلى 30 ألفاً و66 مواطناً».
وحول معاناة الأسرة التي وقع أحد أبنائها في الإدمان، قالت «يعاني جميع أفرادها من التوتر الدائم وينتابها الفزع خوفاً على ضياع مستقبل ابنهم الذي وقع في شرك الإدمان، وقد تظهر خلافات أسرية حادة».
جرائم
وأكدت كرم أنه «كلما زادت المخدرات في المجتمع زادت معدلات الجرائم وهناك إحصاءات صادرة عن وزارة الداخلية أشارت إلى أن 75 في المئة من الجرائم في الكويت مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالتعاطي أو بيع المخدرات»، مضيفة «هناك جرائم يرتكبها المدمن للحصول على الأموال لشراء المخدرات والمؤثرات العقلية، وهناك جرائم ترتكب تحت تأثير الإدمان، لاسيما وأن المواد المخدرة تجري تغييرات سلبية على الدماغ ما يؤثر على عملية التحكم والسيطرة على الانفعالات ولذا فالمدمن يكون أكثر ميلاً للعنف».
7 علامات
عدّدت غنيمة كرم 7 علامات للشاب مثيرة للقلق:
1 – كثرة النوم والنعاس وأحياناً قلة النوم.
2 – قلة اهتمامه بهواياته المفضلة.
3 – السهر والتراجع في التحصيل الدراسي
4 – اختفاء المقتنيات الثمينة بالبيت
5 – التمرد والتحدث مع الأهل بأسلوب غير لائق
6 – وجود آثار حرق على الملابس والسرير
7 – وجود مواد مخدرة في الغرفة
8 عوامل للتعافي
1 – حضور اجتماعات الدعم.
2 – المتابعة مع متخصص الإدمان.
3 – اللجوء للطب النفسي في حال المعاناة من تشخيص مزدوج.
4 – تغيير النظام الغذائي والصحي.
5 – الابتعاد عن الأصدقاء القدامى واستبدالهم بجُدد إيجابيين.
6 – حضور الأهالي (لمجموعات الدعم).
7 – توفير الجو الآمن داخل المنزل.
8 – منح المتعافين فرصاً جديدة للعيش الكريم.


