– «الحدَث»: لبنان يواجه خطر إدراجه على «اللائحة السوداء»… وكل المناطق ومنها بيروت مهدَّدة بالقصف
– حزب الله «يرتقي» بتصعيده رفضاً لتسليم سلاحه
دَخَلَ لبنان واقعياً «العدَّ التنازلي» لجلسة 5 أغسطس، التي يَعقدها مجلس الوزراء لإخراجِ قرار حصرية السلاح بيد الدولة، وهو الاسمُ الحَرَكي لسحْب الترسانة العسكرية لـ «حزب الله»، من إطار الأقوال إلى الأفعال، أو أقلّه وضْعه على سكةِ الترجمة، علّ ذلك يجنّب البلاد الاستمرارَ في «الانتحار» وأن «يترحّم علينا العالم متفرّجاً» كما نبّه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون.
وفيما كان عون، عشية عيد الجيش اللبناني وفي ذكرى شهدائه، يعلن ما يشبه «أمرَ اليوم» السياسي بأن «ساعةَ الحقيقة بدأت تدقّ» راسماً إطاراً زمنياً ناظماً لحصريّة السلاح هو «اليوم قبل الغد»، ارتسمتْ في خلفية المشهد الداخلي مَلامِحُ «تَدافُعٍ خَشِنٍ» يُنْذِر بأن يشتدّ في الأيامِ الفاصلة عن «الثلاثاء المفصلي» الذي يتمّ التعاطي معه على أن ما بَعده إما «7 أغسطس»، على غرار 7 مايو 2008، أي استخدام «حزب الله» «أظافره» العسكرية مجدداً في الداخل، وإما «سبتمبر لاهب» يُترك فيه لاسرائيل أن تكمل غرْز أنيابِها في «لبنان الجريح» الذي لم يَخرج بعد من تحت ركام حرب الـ 65 يوماً.
وفي وقت أوحى عون في كلمته المطوّلة من مقرّ وزارة الدفاع في اليرزة بأن الحكومة تتجه في «جلسة السلاح» لتحديد مراحل زمنية لتنفيذ مَضامين التعديلات التي اقترحها لبنان على مقترح الموفد الأميركي توماس براك حول ترسانة «حزب الله» و«بشكل متواز»، فإنّ مناخاتٍ قاتمة لاحتْ من خلف مؤشرات إلى أن مجلس الوزراء قد يتحوّل «كيس ملاكمة» يُخشى أن يُسْقط البلد بـ «الضربة القاضية».
وكان الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، أعطى ما اعتُبر أول «جرعة تصعيد» في الطريق الى جلسة الثلاثاء، حين «ارتقى» بكل مطالبةٍ بتسليمِ ترسانة الحزب في هذه المرحلة وقبل التزام اسرائيل بالانسحاب من التلال الخمس ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى وبدء الإعمار إلى مستوى «خدمة المشروع الاسرائيلي»، ورابطاً مسألة سلاحه، الذي «لن نسلّمه لاسرائيل»، بـ «نقاشٍ داخلي» يَجْري بعد تحقيق هذه الأولويات وبمَخاطر وجودية تؤشر وفق خصومه برغبة في «تأبيد» الاحتفاظ بالسلاح.
ولم يكن عابِراً ما نقلتْه قناة «الحدَث» عن مصادر دبلوماسية، من أن الضغوط الدولية على لبنان ستتجاوز التهديدات العسكرية في حال رَفَضَ «حزب الله» تسليم سلاحه، مشيرة إلى أن البلاد تواجه خطر إدراجها على «اللائحة السوداء»، إلى جانب ضغوط اقتصادية وأن «لبنان مهدَّد بمنعه من استيراد النفط والقمح وتقييد الحوالات المالية، وكل المناطق ومنها بيروت مهدَّدة بالقصف».
وقد استوقف الأوساط السياسية في كلمة عون، تظهيره الصريح لِما هو على المحكّ في حال لم يحصل «الاصطفاف خلف الجيش في مهمته التاريخية» بـ «تفويضه وحده حمْل السلاح عنا كلنا والدفاع عن لبنان».
فرئيس الجمهورية رسم معادلة واضحة في ضوء واقع «المنطقة من حولنا، وهي في حال غليان وتتأرجح بين حافة الهاوية وسلّم الازهار»، معلناً «علينا أن نختار إما الانهيار وإما الاستقرار»، ومتحدثاً عن «مرحلة مصيرية» يمر بها لبنان، ومحذراً من «أن الخطر أكان أمنياً أو اقتصادياً لن يطول فئة دون أخرى» و«سنكون هذه المرة تخلينا عن الدعم العربي والدولي بإرادتنا»، مع تشديده على «أننا تعبنا من حروب الآخرين على أرضنا (…) وخصوصاً حين تصبح الحروب عبثية مجانية ومستدامة، لمصالح الآخرين».
وقال عون، في كلمته المطوّلة التي كشف فيها مضمون المذكرة التي سلّمها إلى براك خلال زيارته الأخيرة لبيروت مسمّياً سلاح الحزب بالتحديد على أنه مشمول بأن يُسحب «واجبي وواجب الأطراف السياسية كافة، عبر مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع ومجلس النواب والقوى السياسية كافة، أن نقتنص الفرصة التاريخية، وندفع من دون تردد إلى التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية، دون سواها، وعلى كل الاراضي اللبنانية، اليوم قبل غد، كي نستعيد ثقة العالم بنا، وبقدرة الدولة على الحفاظ على أمنها بوجه اعتداءات اسرائيل، التي لا تترك فرصة إلا وتنتهك فيها سيادتنا (…)».
مسودة أفكار
وأضاف: «أمام مسؤوليتي التاريخية، وانطلاقاً من صلاحياتي الدستورية واحتراماً لليمين التي حلفتها، ولخطاب القسم، أرى من واجبي اليوم، أن أكشف للبنانيين، وللرأي العام الدولي ولكل مهتم ومعني، حقيقة المفاوضات التي باشرتها مع الجانب الاميركي (…) والتي تهدف الى احترام تنفيذ إعلان وقف النار، والذي وافقتْ عليه الحكومة اللبنانية السابقة بالإجماع.
فالجانب الأميركي كان عرض علينا مسودة أفكار، أجرينا عليها تعديلات جوهرية، ستُطرح على مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل وفق الأصول، ولتحديد المراحل الزمنية لتنفيذها. وهذه أهمّ النقاط التي طالبنا بها:
1 – وقف فوري للأعمال العدائية الاسرائيلية، في الجو والبر والبحر، بما في ذلك الاغتيالات.
2 – انسحاب اسرائيل خلف الحدود المعترف بها دولياً، وإطلاق سراح الأسرى.
3 – بسط سلطة الدولة اللبنانية، على كافة أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة، ومن ضِمنها حزب الله، وتسليمه الى الجيش اللبناني.
4 – تأمين مبلغ مليار دولار سنوياً، ولفترة عشر سنوات من الدول الصديقة، لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وتعزيز قدراتهما.
5 – إقامة مؤتمر دولي للجهات المانحة لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل.
6 – تحديد وترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية مع الجمهورية العربية السورية، بمساعدة كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والفرق المختصة في الأمم المتحدة.
7 – حل مسألة النازحين السوريين.
8 – مكافحة التهريب والمخدرات، ودعم زراعات وصناعات بديلة».
وأكد «آن لنا أن ننهي أعذار وأطماع أعدائنا الذين يستثمرون في انشقاقاتنا وهواجسنا والذين واجهناهم أحياناً فرادى من خارج أطر الدولة، اعتقاداً من بعضنا، ولو عن حسن نية، بأن الدولة أضعف من أن تقاوم أو أن العدو هو في الداخل، أو أن طرفاً خارجياً يدعم أحدنا سيحارب نيابة عنه. وقد سقطت هذه الأوهام كلها. بعدما أسقطت الآلاف من شهدائنا ودمرت قسماً كبيراً من وطننا».
وإذ ذكّر بأن حكومة الرئيس نواف سلام «أعطت الأولوية لستة ملفات»، بينها «إعادة بناء ثقة الناس بالقضاء، وضبط الأمن وحصر السلاح بالتوازي مع تحضير ملفات إعادة الإعمار»، قال «عملْنا على إعادة لبنان الى محيطه العربي والمجتمع الدولي من خلال الزيارات التي قمت بها الى دول أجنبية وعربية عدة، أعادت البحث في إحياء اتفاقيات نائمة. كما أدت الى إعادة فتح سفارات، أو تعيين سفراء معتمدين في بيروت وعودة سياح، عرب وأجانب. وفي هذا المجال تلقينا مبادرة مشكورة من الإخوة السعوديين للمساعدة على تسريع الترتيبات الضرورية لاستقرار الحدود بين لبنان وسورية. فلبنان حريص على بناء علاقات ممتازة مع الجارة سوريا، لمصلحة كلا البلدين فازدهار واحدنا هو من ازدهار الآخر. تماماً كما كل ألم مشترك بيننا».
وفي حين برز اليوم، استقبالُ الرئيس عون قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، يرافقه وفد من القيادة، حيث جرى عرضٌ لعلاقات التعاون القائمة بين الجيشين، صعّدت اسرائيل مساءً بسلسلة غارات ضد أهداف لـ «حزب الله» في الجنوب والبقاع، ما اعتُبر إشارةً إلى أنها لن تغيب عن الأيام العصيبة التي تفصل عن «ثلاثاء السلاح».