محبوب العبدالله… المسرح الكويتي وذاكرته الحيّة


في سطور المشهد المسرحي الكويتي، تتلألأ أسماءٌ كثيرة صنعت وهج الخشبة وروح النص، غير أن القليل منهم استطاع أن يُمسك بالقلم كعدسةٍ توثّق، وكسراجٍ يرشد، وكنبضٍ لا ينقطع عن حبّ هذا الفن… ومن هؤلاء، يبرز اسم الأستاذ الراحل محبوب العبدالله، الذي لم يكن فقط ناقداً أو صحافياً، بل أيضاً شاهداً، وفاعلاً، ومؤرخاً يكتب بروح العاشق وصرامة المؤرخ.

ينتمي محبوب العبدالله إلى جيلٍ حمل على عاتقه مسؤولية بناء الحركة المسرحية في الكويت منذ لحظاتها التأسيسية، فهو أحد المؤسسين لمسرح الخليج العربي، وواحدٌ من أولئك الذين آمنوا أن المسرح ليس مجرد عرض موقت، بل فعل ثقافي مستمر، يعكس هوية المجتمع ويصقل ذائقته.

«بين المسرح والصحافة: ازدواجية الالتزام»

لم يكن الأستاذ محبوب العبدالله متفرغاً للمسرح فقط، بل زاوج بين الصحافة الثقافية والعمل المسرحي، فكتب في الصحف اليومية والأسبوعية، وخصّص مساحات تحليلية ونقدية في عددٍ من المجلات والصحف المحلية، حيث ساهم في تشكيل خطاب نقدي متوازن يراعي خصوصية المسرح الكويتي من جهة، ويرتبط بالحركة المسرحية العربية من جهة أخرى.

لقد كان صوته حاضراً دوماً في المعالجات الصحافية، التي لم تكتفِ بتغطية العروض أو الحديث عن المناسبات، بل تجاوزت ذلك إلى بناء رؤية نقدية حقيقية، مدعومة بالمعرفة والخبرة.

«إسهامات توثيقية لا تُنسى»

من أبرز ما يميز تجربة محبوب العبدالله، هو شغفه بالتوثيق الثقافي، وهو ما جعله أحد أبرز الأسماء في هذا الحقل الحيوي، حيث عمل على جمع المادة المسرحية والأدبية، وتحليلها وتقديمها للأجيال، ليس فقط عبر المقالات، بل أيضاً من خلال أوراق العمل، والمحاضرات، والمداخلات في الندوات، داخل الكويت وخارجها.

وقد نال تكريماً محلياً وخارجياً يليق بعطائه، إذ يُعد من القلائل الذين استحقوا احترام النقاد، وتقدير الفنانين، ومحبة الجمهور.

«بصمة لا تُمحى في الثقافة الكويتية»

لا يمكن الحديث عن الحركة المسرحية أو الأدبية في الكويت دون استحضار بصمة الأستاذ محبوب العبدالله، فقد ظل على الدوام صوتاً مسؤولاً، ورؤية ناضجة، وذاكرة حيّة ترصد وتُقيّم وتحتفي بالإبداع. ولعله من أولئك القلائل الذين جمعوا بين الوفاء للماضي، والانفتاح على المستقبل، إيماناً بأن الثقافة فعلٌ تراكمي لا تُبنى منجزاته دون معرفة دقيقة بجذوره.

ختاماً

يبقى محبوب العبدالله علامة فارقة في المشهد الثقافي الكويتي، ليس فقط لجهوده المستمرة، بل لكونه يمثل نموذج المثقف الحقيقي، الذي يرى في كل نص مسرحي حواراً مع الوطن، وفي كل مقالة نقدية مسؤولية تجاه المتلقي، وفي كل مساهمة توثيقية بناءً لذاكرة وطن لا تُنسى.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *