حمد المرزوق: مصارف الكويت ستموّل مشاريع كبرى في الإسكان والطاقة والبنية التحتية


– قوة القطاع المصرفي أصل إستراتيجي لجذب الاستثمار

– 5 إلى 6 تريليونات دولار صناعة التمويل الإسلامي عالمياً

– الكويت تمتلك مؤهلات قيادة المرحلة المقبلة من تطور الصيرفة الإسلامية

– الثقة في مسار التحول الرقمي أهم عملة في عالم الصيرفة

– حوار البنوك و«المركزي» والجهات الرقابية أفضى إلى تشريعات متوازنة

ضمن رؤية شاملة حول متانة واتجاهات القطاع المصرفي الكويتي، أكد رئيس اتحاد مصارف الكويت ورئيس مجلس إدارة «بيت التمويل الكويتي» حمد المرزوق، دور القطاع المحوري كمنصة للتحول الاقتصادي الوطني، وذلك خلال جلسة حوارية، بعنوان: «البنية التحتية المالية كمنصة: مرونة القطاع المصرفي الكويتي، وريادة التمويل الإسلامي، والابتكار في الخدمات المصرفية الرقمية»، التي نظمَّها اتحاد مصارف الكويت ضمن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن.

واستعرض المرزوق خلال الجلسة كيف يترجم القطاع المصرفي استقراره إلى ميزة تنافسية تدعم النمو الإقليمي والعالمي.

وشهدت الجلسة الحوارية حضور وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار بالوكالة الدكتور صبيح المخيزيم، وسفيرة الكويت لدى الولايات المتحدة الأميركية الشيخة الزين الصباح، ومجموعة من القيادات والمسؤولين في القطاع المصرفي الكويتي.

أصل إستراتيجي

وعند سؤاله حول كيفية استثمار قوة النظام المالي في استقطاب الشركاء والمستثمرين الدوليين على المدى الطويل، قال المرزوق: «القطاع المصرفي الكويتي يتمتع بمتانة استثنائية، وملاءة رأسمالية قوية، حيث يبلغ معدل كفاية رأس المال نحو 20 %، وهي نسبة تفوق الحد الأدنى الرقابي البالغ 13 %، كما أثبت مرونته العالية خاصة عقب الأزمات الاقتصادية العالمية».

واستعرض بيانات تقرير بنك الكويت المركزي للنصف الأول 2025 مشيراً إلى أن جودة الأصول مازالت قوية، إذ يبلغ معدل التمويلات غير المنتظمة 1.6 % فقط، مع نسبة تغطية 242.1 % تُعد من الأعلى إقليمياً وعالمياً، في حين تتجاوز نسبة تغطية السيولة 150 %، كما تحقق البنوك المحلية عائداً على حقوق المساهمين يقارب 12 %، ما يعكس كفاءة تشغيلية وعوائد قوية.

وأضاف: «هذه القوة ليست مجرد وسيلة تحوط، بل أصل إستراتيجي. فالمصارف الكويتية توظف هذا التميز في بناء شراكات إستراتيجية مع مديري الأصول الدوليين، ما يعزز مكانة الكويت كمركز مالي آمن وموثوق في أسواق الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

وأوضح أن هذه المتانة تُترجم عملياً عبر التمويل المشترك والهياكل التمويلية المبتكرة، مشيراً إلى أن المشاريع الكبرى التي تمولها البنوك الكويتية أو بصدد تمويلها تشمل مشاريع كهرباء، وميناء مبارك الكبير، والرهن العقاري الذي يتوقع إقراره قريباً بموجب تشريعٍ جديد.

وفي حديثه عن التمويل الإسلامي، أشار المرزوق إلى أن حجم صناعته عالمياً يتراوح بين 5 و6 تريليونات دولار، مؤكداً أن الكويت واحدة من الدول الرائدة في الصيرفة الإسلامية، حيث منحت أول رخصة لبنك إسلامي عام 1977، تمتلك المؤهلات والخبرة اللازمة لقيادة المرحلة المقبلة من تطور الصيرفة الإسلامية.

التحول الرقمي

من جهة أخرى، شدّد المرزوق على أهمية التحول الرقمي وتوحيد الممارسات الشرعية، مضيفاً أن «بيت التمويل» يُعد من أبرز المؤسسات التي أسست معايير شرعية موحدة التي تسهّل تدفقات رؤوس الأموال عبر الحدود وتعزز ثقة المستثمرين، على غرار ما قام به في فروعه بالمملكة المتحدة وألمانيا ومصر.

كما أوضح أن «بيت التمويل» دمج مبادئ الاستدامة (ESG) في أدوات التمويل الإسلامي مثل الصكوك الخضراء وتمويل الطاقة المستدامة، إلى جانب دعم البيئة الرقابية التجريبية (Sandboxes) للمنتجات والخدمات ذات التقنية المالية المتوافقة مع الشريعة، ما يرسخ مكانة الكويت كمركز عالمي للتمويل الأخلاقي والشامل والمستدام.

وتناول المرزوق أهمية الثقة في مسار التحول الرقمي، موضحاً أنها أهم «عملة» في عالم الصيرفة الحديثة. وقال: «كل مبادرة رقمية يجب أن تعزز هذه الثقة عبر أنظمة أمن سيبراني متقدمة تضمن الحماية القصوى من الهجمات الإلكترونية».

وأشار إلى نجاح الكويت في إطلاق نظام المدفوعات الفورية «ومض» الذي يتيح تحويل الأموال باستخدام رقم هاتف المستفيد فقط، مؤكداً أن هذه الخدمة شهدت أكثر من مليون معاملة في عامها الأول، ما يعكس ثقة العملاء بالبنية التحتية الرقمية المصرفية.

وأضاف أن مواجهة التهديدات الإلكترونية المتزايدة تعقيداً، تشمل حملات توعية ضد الاحتيال أطلقها بنك الكويت المركزي بالتعاون مع البنوك المحلية، إلى جانب غرفة طوارئ مركزية لتلقي بلاغات الاحتيال والاستجابة الفورية.

وفي ما يتعلق بالتوازن بين التنظيم والابتكار، قال المرزوق: «رغم أن البنوك حول العالم تواجه عادة تشريعات مقيدة، إلا أن الوضع في الكويت أفضل، بفضل الحوار المستمر بين البنوك والبنك المركزي والجهات الرقابية الأخرى، ما أفضى إلى تشريعات متوازنة، تراعي المصلحة العامة دون أن تحد من مرونة البنوك وقدرتها على الابتكار».

دروس من الأسواق

وأوضح المرزوق أن السياسات المالية يجب أن تُبنى وفق حجم الدولة ونضج مؤسساتها وأهدافها الوطنية، مؤكداً أهمية الاستفادة من تجارب الأسواق المتقدمة دون فقدان الخصوصية المحلية.

وقال: «من أبرز الدروس التي استخلصناها هي مدى سرعة تقلب السيولة بين الأسواق نتيجة زيادة الأموال الساخنة (Hot money) عالمياً، وقد كشفت أزمة 2008 هشاشة الاعتماد على تدفقات رأس المال المتقلبة»، مضيفاً أن هناك مجالات أخرى يمكن الاستفادة منها مثل تعزيز أنظمة الامتثال وإدارة المخاطر، واستخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتقديم خدمات ومنتجات مالية أكثر سرعة وكفاءة.

التحول الاقتصادي

وبيّن المرزوق أن الهدف الإستراتيجي للكويت التحول من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع، قادر على تحقيق هدفين رئيسيين: توليد مصادر دخل بالنقد الأجنبي بعيداً عن إيرادات النفط، وخلق فرص عمل مستدامة، مؤكداً أن هذا التحول يتطلب أن يكون تعزيز دور القطاع الخاص أولوية ضمن رؤية الكويت 2035. فيما أشار إلى أن المؤسسات المالية والقطاع الخاص يعملان باستمرار على تطوير البنية التحتية التقنية لتسهيل تدفقات رؤوس الأموال.

وتابع: «استثمرنا في أنظمة الأعمال بين الشركات (B2B) والبروتوكولات التي تمكننا من الاندماج في شبكات المقاصة والتسوية العالمية، ما جعل الصكوك الكويتية والأدوات المالية الأخرى قابلة للتداول عالمياً بسهولة أكبر»، موضحاً أن هذه الجهود ترسخ موقع الكويت كمركز إقليمي للسيولة وإدارة المخاطر، مدعوماً بشبكات مدفوعات رقمية عبر الحدود وتمويل تجاري معزز بتقنيات البلوك تشين.

ما بعد التقليدية

وأكد المرزوق أن القطاع المصرفي الكويتي يتطور ليصبح منصة شاملة للنمو والابتكار والشمول المالي، مبيناً أن البنوك المحلية تطور منظومات تمويل للمشروعات الناشئة، وتوسع استخدام الحلول المصرفية عبر الهواتف الذكية لتشمل جميع فئات المجتمع.

وأضاف أن تبني مفاهيم الصيرفة المفتوحة والصيرفة كخدمة (BaaS) يتيح فرصاً جديدة للتكامل بين التقنيات المالية، ما يجعل الكويت بيئة اختبار إقليمية لتكامل الأنظمة المالية الرقمية.

وقال: «بهذا الشكل، يتحول نظامنا المالي من مجرد قناة مصرفية إلى منصة متكاملة للابتكار والشمول والتعاون العابر للحدود، تمكّن الكويت من أن تكون محوراً ومحفزاً للتحول الاقتصادي».

ورأى المرزوق، أن «القطاع المصرفي الكويتي يقف اليوم عند منعطف محوري. لقد أثبتنا متانتنا، لكن التحدي الآن تحويل هذه القوة إلى استثمار وابتكار عالمي. ومن خلال الدمج بين إرثنا في الصيرفة الإسلامية وتطورنا في الصيرفة الرقمية، وتعميق ارتباطنا بالأسواق الدولية، يمكننا ضمان أن الكويت لا تواكب المستقبل المالي العالمي فحسب، بل تسهم في صناعته وتوجه مساره».

مؤشرات قوة

القطاع المصرفي:

20 %

معدل كفاية رأس المال

1.6 %

تمويلات غير منتظمة

242.1 %

نسبة تغطية الديون المتعثرة

150 %

تغطية السيولة

12 %

العائد على حقوق المساهمين





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *