في وقت كان للسوق المالي الكويتي أسبقية تاريخية في كثير من الخدمات المصرفية والمالية، وفي القطاع المصرفي تحديداً، كانت هناك ريادة في تأسيس شركة الخدمات المصرفية الآلية «كي.نت» بالتساوي بين البنوك، وشركة «ساي. نت» فيما يشبه بنك معلومات. ووسط التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع الذي توازيه مخاطر خروقات وتحديات في مجال الأمن السيبراني، يبرز تساؤل: لمَ لا يتم تأسيس شركة كبرى متخصصة في خدمات التكنولوجيا والتقنيات المالية بحيث تكون شركة كويتية محلية رائدة مزودة للسوق الكويتي بكل الخدمات التكنولوجية، تمثل بوابة وعمقاً ضد المخاطر والتحديات، التي قد تصاحب التزود بمثل هذه الخدمات من مزودين خارجيين.
المبادرة طرحها مصدر مصرفي رداً على سؤال لـ»الجريدة» بشأن زيادة الهجمات الخاصة بالاحتيال المالي، ونجاح بعض الخروقات لبعض الحسابات بمبالغ ضئيلة، وتعتبر الأقل على مستوى السوق، وربما لا تشكل أي نسبة أو هاجس يذكر نتيجة الاستثمارات الضخمة، التي تنفقها القطاعات المصرفية والمالية على أنظمة الحماية المزدوجة.
لكن بنظرة عامة وشمولية، كشف المصدر أنه من واقع التجربة والتعاون مع الشركات المالية وقطاعات أخرى في السوق المالي، يتضح أن هناك عقود خدمات تقنية وتكنولوجيا مالية تزود بهذه التقنيات من شركات غير موجودة في السوق المحلي، والأكثر خطورة ومخاطر هو أن هذه الشركات تقدم خدمات الصيانة والحلول للمشاكل والأعطال عبر الأثير من الخارج، بمعنى أنها تملك حق الدخول على أنظمة الشركة التي تتزود بالخدمات، ولها حق الإطلاع على تلك البيانات بالتفصيل.
ويضيف المصدر، أن هذه البيانات، التي قد تتاح لما يسمى مطلعين من الخارج يجب ألا تكون متاحة لهم من منظور أقصى درجات الحماية، التي يجب أن تتوافر لأنظمة الشركات.
وينبه المصدر إلى أنه من خلال المتابعات المستمرة هناك انكشاف كبير للتزود بالخدمات في مجال الأمن السيبراني وبعض الخدمات التقنية المالية الأخرى، ما يستوجب إنشاء شركة كويتية كبرى بالشراكة بين القطاع الخاص والحكومة لتكون نواة لعملاق مستقبلي وبوابة للخدمات المالية والتكنولوجية.
وتابع أن ملف التزود بتلك الخدمات من شركة محلية ستكون له جدوى عالية، إضافة إلى العديد من المكاسب ذات الصلة بدرجات الأمان.
المصدر ذاته قال، إن بعض الشركات تتعامل مع كيانات خارجية ليست من الصف الأول وغير مصنّفة وبرامج يمكن تطوير أخرى مضادة لها، حتى ان بعض البرامج حالياً بات يمكنها التحكم في توجيه أرقام الحماية والرسائل الخاصة التي يستقبلها العميل لتأكيد بعض العمليات.
وزاد أن ملف الاستعانة بشركات تقنية من الخارج تطلع على بيانات الشركات المحلية ملف يحمل مخاطر ويحتاج مراجعة من الجهات الرقابية، إذ يجب أن تسأل كل جهة عن قوائم الشركات، التي يتم التعامل معها ومراجعة تاريخ هذه الشركات وتصنيفها وتاريخها وسجلاتها ومؤسسيها.
فملف الأمن السيبراني والخدمات التقنية للقطاعات المالية، باتا يضعان سمعة المؤسسات على المحك، ويعتبران أكبر تحدّ حالياً، وهو ملف متشعّب وله صلة بخدمات تتعلق بكل القطاعات التي باتت منفتحة أو مرتبطة بعضها ببعض، على سبيل المثال حساب التداول في البورصة مرتبط بحساب مصرفي وهكذا دورة الترابط تشمل أكثر من نافذة.
وأصبحت تحديات الأمن السيبراني وحماية أمن البيانات والمعلومات قضية عصرية استراتيجية تحمل في طياتها الكثير من التحديات، خصوصاً مع تزايد الهجوم على مطارات عالمية وشركات كبرى إقليمية وعالمية، يجب أن يستفاد منها مبكراً.
تأسيس شركة عملاقة على غرار «كي.نت» و«ساي.نت» للقطاع المالي بكل تفرعاته، ستكون خطوة على طريق توفير أقصى درجات الحماية للسوق المحلي.