المغرب يدعو الجزائر إلى حوار صادق بعد تبنّي مجلس الأمن خطته للصحراء الغربية



قبل أيام قليلة من الذكرى ال 50 للمسيرة الخضراء، التي عجّلت انسحاب إسبانيا من الإقليم الساحلي، اعتمد مجلس الأمن، أمس الأول، خطة ملك المغرب محمد السادس للحكم الذاتي في الصحراء الغربية، معتبراً أنها الحل «الأكثر واقعية» للنزاع المستمر منذ نصف قرن. 

وصوّتت لمصلحة قرار منح الصحراء الغربية الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب، الذي قدّمته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، 11 من أصل 15 دولة عضو بمجلس الأمن، على رأسها الولايات المتحدة صاحبة الطلب وبريطانيا وفرنسا واليونان وبنما وكوريا، في حين امتنعت 3 دول هي الصين وروسيا وباكستان، ولم تشارك الجزائر في التصويت.

كما وافق مجلس الأمن، في قرار آخر عارضته الجزائر، على التجديد لولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام واحد. 

وجاء في مشروع القرار أن الخطة التي قدّمها المغرب عام 2007 وتقضي بمنح الإقليم الغنية أرضه بالفوسفات ومياهه بالثروة السمكية، حكماً ذاتيا تحت السيادة المغربية «قد تمثّل الحل الأكثر واقعية»، ويمكن أن تشكّل «الأساس» لمفاوضات مستقبلية لإنهاء نزاع مستمر منذ 5 عقود.

ودعا المشروع الأميركي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الخاص، ستافان دي ميستورا، إلى مواصلة المفاوضات «استناداً» إلى هذه الخطة، وطالب جميع الأطراف ب «الانخراط في هذه المناقشات من دون شروط مسبقة، على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، للتوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول». كما دعا الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم والمساعدة الملائمة لهذه المفاوضات.

وأكد مجلس الأمن ضرورة الإسراع بتحقيق هذا الحل للنزاع، معبّرا في الوقت ذاته عن ترحيبه بمبادرة المبعوث الشخصي لعقد لقاءات بين الأطراف من أجل البناء على الزخم الحالي واغتنام هذه الفرصة غير المسبوقة لتحقيق سلام دائم.

وفي خطاب استثنائي، اعتبر العاهل المغربي أن تأييد مجلس الأمن لخطة الحكم الذاتي «المُحدّثة والمُفصّلة»، «فتحاً جديداً» وإقراراً من المجتمع الدولي ب «مصداقية مبادرة الحكم الذاتي كحلّ وحيد وتوافقي للنزاع، ونحن نتعامل بثقة ومسؤولية مع هذا التحول التاريخي الذي يأتي بعد 50 سنة من التضحيات الوطنية».

وأعرب عن اعتزازه بتزامن هذا التطور الدولي المهم مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والسبعين لاستقلال المغرب، مشدداً على أنه سيواصل العمل من أجل «تعزيز التنمية الشاملة في الأقاليم الجنوبية وترسيخ مغربية الصحراء في مختلف المحافل الدولية».

وإذ شدد على أنه «من الآن فصاعداً سيكون هناك ما قبل 31 أكتوبر 2025 وما بعده»، توجّه العاهل المغربي بدعوة الى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لإجراء «حوار أخوي وصادق» لتجاوز الخلافات القائمة وبناء علاقات جديدة قائمة على الثقة وحُسن الجوار.

وأكد التزامه بمواصلة العمل من أجل إحياء الاتحاد المغاربي على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والتكامل بين دوله الخمس، مشدداً على أن «التاريخ والجغرافيا يفرضان منطق الوحدة لا التفرقة».

ووجّه الملك محمد أيضاً، في خطابه، نداء إلى سكان مخيمات تندوف لاغتنام هذه الفرصة التاريخية لجمع الشمل مع أهلهم وما يتيحه الحكم الذاتي للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية وفي تنمية وطنهم وبناء مستقبلهم في إطار المغرب الموحد.

في المقابل، قال ممثل الجزائر بالأمم المتحدة، عمار بن جامع: «بلادي لم تشارك في التصويت على مشروع القرار، حرصاً على النأي بنفسها بكل مسؤولية، عن نص لا يعكس بشكل كافٍ، المبادئ الأممية فيما يتعلق بإزالة الاستعمار».

بدورها، أكدت جبهة البوليساريو الانفصالية، «تمسُّك الشعب الصحراوي القوي بحقه غير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال»، وأبدت استعدادها ل «التعاطي البنّاء مع المسار السلمي الذي ترعاه الأمم المتحدة».

وأوضح مسؤول الشؤون الخارجية في «البوليساريو»، محمد يسلم بيسط، أن الجبهة قد تقبل بالخطة المغربية، بشرط أن يصادق عليها الشعب الصحراوي عبر استفتاء.

واحتفالاً بالقرار الأممي، خرج آلاف المغاربة بالأعلام في أنحاء المملكة كل من الشمال إلى الجنوب، وشهدت العاصمة الرباط احتفالات عارمة بالرقص والغناء. وهتفت الحشود «الصحراء مغربية وكانت دائما كذلك».

وفي مدينة السمارة بقلب الصحراء، أطلق السكان الألعاب النارية بمجرد الإعلان عن نتيجة التصويت، كما خرجت حشود بمدينة الداخلة الساحلية بوادي الذهب في الجنوب، تأييداً للقرار.

وخلال ولايته الأولى عام 2020، دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخطة المغربية، مما فتح الباب أمام اعترافات متتالية من إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا بها.

وكان لافتا امتناع الصين التي تجمعها شراكة استراتيجية مع الجزائر عن التصويت، خصوصاً في ظل تنامي علاقاتها الاقتصادية المتسارعة مع المغرب. وقبل التصويت، أجرى وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اتصالاً بنظيره الجزائري لإيضاح موقف بلاده من القضية.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *