– نتنياهو: لا نحتاج الى إذْن من أحد لضرب أهداف في غزة أو لبنان
– كاتس خلال جولة حدودية مع أورتاغوس: سنواصل الدفاع عن المناطق الشمالية ضد أي تهديد
– اسرائيل شنّت سلسلةَ ضربات في الجنوب والبقاع موسّعةً رقعةَ الاستهدافات المتدحرجة
تَعْكس الحركةُ الدبلوماسية التي ستتكثف في اتجاه بيروت سباقاً لم يَعُد مكتوماً بين تصعيدٍ إسرائيلي كبير ضدّ لبنان يُخشى أنه بات محتوماً وبين محاولاتِ «تصفيح» وقف النار الذي علّق (في 27 نوفمبر) مواجهاتِ الـ 65 يوماً الضارية الخريف الماضي والذي تَنْخُرُه الخروقُ اليوميةُ والتَصاعُديةُ من تل أبيب مستفيدةً من «ثقب أسود» يشكّله سلاح «حزب الله» ورفْض الأخير تسليمه، بما يُنْذِر بتلاشي العوامل التي أتاحتْ لـ «بلاد الأرز» مقاومة جاذبية السقوط المروّع في«الحرب الأخيرة».
وإذ تستعدّ بيروت اليوم لاستقبالِ الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس آتية من إسرائيل، وسط تقارير عن احتمال وصول موفد أمني مصري أيضاً في الساعات المقبلة وربما المبعوث الأميركي توماس براك، فإنّ لبنان يتعامل مع هذه الديناميةِ المكثّفة بمزيجٍ من الارتياحِ إلى أنه لم يُغادِرْ دائرةَ الاهتمام الدولي والعربي المباشر، والارتيابِ من أن الرسائل «بالحقيبة الدبلوماسية» تؤشّر إلى أن المَخاطر بلغتْ أعلى الدرجات وأن «وقت اللعب انتهى» وتالياً «دقتّ ساعة الحقيقة»في ما خص ملف سلاح «حزب الله».
ورغم أن لا معطيات دقيقةً توافرتْ عن طبيعة ما ستحمله أورتاغوس، التي ستبقى في بيروت حتى الأربعاء وتَلتقي كبار المسؤولين وتشارك في اجتماع اللجنة العسكرية الخماسية المولجة الإشراف على تطبيقِ وقف النار (الميكانيزم) والتي يترأسها جنرال أميركي (وتضم ممثلين لفرنسا والأمم المتحدة ولبنان وإسرائيل)، فإن ما تَكشَّفَ عن مجمل الحِراك الخارجي نحو «بلاد الأرز» يشير إلى أنّ الهوامشَ باتت أكثر من ضيّقة أمام لبنان الرسمي بعد تسوية غزة، وأنه لم يَعُدْ هناك مفرٌّ من «اختصار الطريق» إلى حلٍّ مستدامٍ ودَمْجِ اتفاق 27 نوفمبر مع «مَراسيمه التطبيقية» التي عبّرتْ عنها ورقةُ براك ومندرجات القرار 1701 وصولاً إلى تَفاهُمِ «السلّة الواحدة» الذي يشكل «بوليصةِ تأمينٍ» طويلة المدى.
مطرقة «السلام بالقوة»!
وفي حين لا جدال في أن تسليمَ «حزب الله» سلاحَه يُعتبر ركيزةَ أي اتفاقٍ حول لبنان يتطلّب المرورَ بمفاوضاتٍ تضغط واشنطن وتل أبيب كي تكون مباشرةً، فإنّ إصرارَ الأخير على رَفْضِ تفكيك ترسانته، لا من ضمن مَسارٍ مربوطٍ باتفاق 27 نوفمبر، وبالتأكيد ليس في إطارِ تَفاوضٍ يُمْسِكُ بخيوطه الرئيس دونالد ترامب في شكل مباشر، يعمّق الخشيةَ من أن توضع «بلاد الأرز» تحت مطرقةِ «السلامِ بالقوة» التي استخدمتْها واشنطن في غزة وتجاهها، سواء في شكلِ توسيعٍ للضربات الإسرائيلية اليومية جنوباً وبقاعاً أو تفجيرٍ لحربٍ جديدة بات أُفُقها السياسي واضحاً وضوح الشمس في ضوء وقوف المنطقة أمام إعادةِ تشكيلٍ لخرائطِ النفوذ وخطوطها.
وفيما تشير معطياتٌ في بيروت إلى أن لبنان الرسمي يدرك جيداً أن لا مناص من نوعٍ من التفاوض مع إسرائيل على تنفيذ اتفاق 27 نوفمبر، وهو ما يشكّل في ذاته «تَراجُعاً» يُعتبر ثمناً لمعاندة الحزب تسليم سلاحه لأنّه قد يَفتح البابَ أمام «مطالب السلة الواحدة» لتل أبيب (تشمل النقاط الحدودية الخلافية ومطالب أمنية وربما ما هو أدهى) على وهج التهديد بالحرب الكبرى أو على وقعها، فإن تقديراتٍ تتحدث عن مَسعى لاحتواء الضغط الأميركي عبر «تأطيره» نحو صيغةٍ تجعل «لجنة الميكانيزم» هي الوعاءُ التَفاوُضي وربما تطعيمه ببعض التقنيين المدنيين، ولكن من دون أن يُعرف هل سيكون ذلك كافياً في الشكل لواشنطن وتل أبيب، وكذلك هل سيُبْعِد شَبَحَ الحربِ ما دام الحزب يرفض التخلي عن ترسانته.
وفي وقت أشارت قناة «الجديد» إلى أن الموفد الأمني المصري رفيع المستوى الذي سيصل إلى بيروت يحمل معه رسائل تحذيرية إلى المسؤولين اللبنانيين تؤكد أن الوضع الميداني بلغ مرحلة شديدة الخطورة، وأن هذه الخطوة تأتي امتداداً لدور القاهرة الفاعل في مؤتمر شرم الشيخ الأخير، حيث عملت على بلورة مقاربة مع الولايات المتحدة أثمرت وقفاً للنار في غزة، فإنّ مهمة أورتاغوس تكتسب هذه المَرة أهمية كبيرة وخصوصاً أنها ستأتي من زيارةٍ لتل أبيب ناقشتْ فيها ملف لبنان (كما غزة).
لا نحتاج إلى إذن
وحرصت تل أبيب على توجيه رسائل مباشرة أمام أورتاغوس وبالتزامن مع زيارتها، إذ أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل لا تحتاج إلى إذن من أحد لضرب أهداف في غزة أو لبنان، رغم موافقتها على الهدنة الأخيرة».
وقال خلال اجتماع لحكومته «إسرائيل دولة مستقلة، لسنا مستعدين للتسامح مع هجمات ضدنا. نردّ على الهجمات وفق ما نراه مناسباً… لا نسعى للحصول على إذن من أحد للقيام بذلك. نحن نتحكّم في أمننا».
ورغم أن هذا الكلام بدا في سياق احتواء مَشهد انتقال ترامب إلى «قمرة القيادة» في إسرائيل ولها، ربْطاً بمسار استيلاد اتفاق غزة ومتابعته «على الأرض» من الرئيس الأميركي ثم كبار مسؤولي إدارته الذين توالوا على زيارة تل أبيب، فإنه لا يقلّل من وطأة مَعانيه التي تستبطن مجاراةً أميركيةً لحاجة إسرائيل إلى الارتقاء بالضغط لفرض قفْل جبهة لبنان بشروطها و«لمرة واحدة وأخيرة».
وبعدما كان توم براك أعطى إشارةً بارزة في هذا الاتجاه بمنشوره الأسبوع الماضي الذي حذّر فيه لبنان من مزيد من التردّد في ملف السلاح تحت طائلة «ان تتصرف إسرائيل في شكل منفرد وستكون العواقب وخيمة» وأن الذراع العسكرية للحزب سيكون أمام إمكان «مواجهة كبرى مع إسرائيل»، لم تقلّ دلالة صورة اورتاغوس اليوم الأحد، مع يسرائيل كاتس خلال جولة عند الحدود مع لبنان، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي «إن إسرائيل ستواصل الدفاع عن المناطق الشمالية ضد أي تهديد».
ولم يكن عابراً أن تتعمّد تل أبيب، تظهير سياسة «الضغط بالنار» المتدحرجة، حيث وسعت اعتداءاتها جنوباً وبقاعاً واستهدافاتها لكوادر من «حزب الله»، فأغارت على سيارة في بلدة الناقورة (قضاء صور) ما أدى إلى سقوط شخص، قبل أن تستهدف سيارةً في بلدة النبي شيت (قضاء بعلبك) قضى فيها شخص، لتشنّ بعدها 3 غارات على سهل بودي (بعلبك) أسفرت عن مصرع شخص وجرْح آخر، تبعتْها رابعة على الحفير الفوقا (قرب بوداي) تسببت أيضاً بمقتل شخص وإصابة آخرين.
وفيما أفادت تقارير بأن أحد المستهدفين في البقاع كان علي الموسوي العضو في الحرس الثوري الإيراني، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم مساء السبت في منطقة القليعة في جنوب لبنان محمد أكرم عربية «أحد عناصر القوة الخاصة في قوة الرضوان التابعة لحزب الله».
اغتيال 365 عنصراً
في سياق متصل، أوردت صحيفة «معاريف»، اليوم الأحد، أن تقديرات مصادر أمنية تؤكد بأن «إسرائيل اغتالت 365 عنصراً من حزب الله منذ دخول وقف النار حيز التنفيذ، ثلاثة منهم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية فقط (قبل اغتيالات السبت والأحد)».
كما برز ما أورده موقع «واللاه» من أن الغارات الجوية التي شنّها سلاح الجو على لبنان هذا الشهر تكشف عن صورة مُقلقة: «حزب الله يُضحّي بقادته على الحدود لإعادة بناء بنيته التحتية، وحشد الأسلحة الإيرانية» وأنه «يحاول استعادة البنية التحتية لإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، وجمع المعلومات الاستخبارية، وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات بالقرب من الحدود».
وبحسب الموقع العبري، فإن الهجمات في البقاع «أكثر أهمية بكثير وتشير إلى نية إلحاق الضرر بالبنية التحتية الإستراتيجية، حيث تُقدر هذه المنطقة بأنها خط شريان لوجستي ومنطقة تخزين للأسلحة الإيرانية والصواريخ بعيدة المدى والأسلحة التي يتم تهريبها إلى لبنان».


