قمة بودابست تصطدم بأمن بوتين وعقدة الدونباس



في ظل تصاعد المخاوف الأمنية المحيطة بسلامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتزايد التباينات السياسية بينه وبين قادة أوروبا بشأن مستقبل الحرب في أوكرانيا وحدودها وخطوط التماس المحتملة، تواجه قمته المرتقبة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في بودابست خطر التأجيل أو الإلغاء.

وأفادت مصادر دبلوماسية بأن اللقاء المقرر خلال الأسبوعين المقبلين «يتعثر بشدة»، نتيجة خلافات في المواقف حول وقف إطلاق النار، ورفض موسكو لما تعتبره «تجميداً غير مقبول لجبهات القتال».

وأكدت شبكة «سي إن إن» أن اجتماع وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي ماركو روبيو التحضيري للقمة تم تعليقه مؤقتاً، بعد اتساع الفجوة بين الجانبين بشأن شروط إنهاء الحرب، مشيرة إلى أن واشنطن «لم تلمس تغييراً ملموساً في الموقف الروسي».

وفجّر وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أزمة جديدة بإعلانه أنه «لا يمكن ضمان أمن طائرة بوتين إذا عبرت المجال الجوي البولندي متجهة إلى بودابست»، ملمّحاً إلى احتمال توقيف الطائرة تنفيذاً لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية.

واعتبر لافروف أن هذه التصريحات «تكشف استعداد بولندا لتنفيذ أعمال إرهابية»، مؤكداً أن روسيا ستعتمد مساراً بديلاً لتجنب أجواء الاتحاد الأوروبي، مروراً بتركيا والبحر الأسود والبحر الأدرياتيكي، بمرافقة جوية روسية من قاعدة حميميم في سورية.

وزاد القلق الأمني تحذير ضابط الاستخبارات الروسي المتقاعد أندريه بيزروكوف من سفر بوتين إلى المجر، محذّراً من «احتمال محاولة اغتيال من تدبير أجهزة بريطانية»، وداعياً إلى نقل القمة إلى «دولة خليجية آمنة مثل الإمارات».

وقال بيزروكوف: «عقلية البريطانيين قائمة على أن غياب بوتين يعني غياب المشكلة، وأنهم مستعدون للمخاطرة بكل شيء، والنخبة الغربية يائسة، ومستعدة لعمل غادر في بودابست».

ويحذر محللون من أن فشل التحضير لقمة بودابست قد يدفع الصراع إلى مرحلة أكثر خطورة، إذ ترى موسكو أن الغرب يستخدم الدعوات إلى تجميد الجبهات لإعادة تسليح كييف، بينما تعتبر واشنطن أن روسيا تستغل المفاوضات لكسب الوقت.

وفي تطور متصل، أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورؤساء وزراء بريطانيا كير ستارمر وإيطاليا جورجيا ميلوني وبولندا دونالد توسك بياناً مشتركاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أعلنوا فيه دعمهم لموقف ترامب الداعي إلى «وقف فوري للقتال وجعل الخطوط الحالية أساساً للمفاوضات»، لكنهم شددوا على أن «الحدود الدولية لا يجوز تغييرها بالقوة».

وألمح القادة الأوربيون إلى أن أي تسوية يجب أن تبقي على وحدة أراضي أوكرانيا، ورفضهم تسليم منطقة دونباس، وهو مطلب أساسي لبوتين لوقف الحرب.

وردّ لافروف بأن «وقف النار الآن يعني نسيان الأسباب الجذرية للنزاع»، محذراً من أن «تجميد الجبهات سيبقي المناطق النازية في أوكرانيا كما هي». وأكد أن «العملية العسكرية الخاصة تحقق أهدافها وستكتمل بنجاح».

واعتبر نائبه سيرغي ريابكوف أن «الحديث عن لقاء تحضيري سريع سابق لأوانه والتواصل الجاد يجب أن يُحضّر له جيداً»، مشيراً إلى أن موسكو «لن توافق على أي صيغة تجميد».

وفي خضم التصعيد السياسي، فجّر رئيس جهاز الاستخبارات الروسي سيرغي ناريشكين مفاجأة جديدة باتهامه المباشر للولايات المتحدة وبريطانيا بالتورط في تفجير خطي أنابيب الغاز «السيل الشمالي»، واصفاً العملية بأنها «أكبر عمل إرهابي ضد البنية التحتية الأوروبية».

وقال ناريشكين: «لدينا معلومات موثوقة حول الضلوع المباشر للاستخبارات الأميركية والبريطانية في التخطيط والتنفيذ»، مشيراً إلى أن «الرواية الغربية حول غواصين هواة أوكرانيين مجرد تغطية إعلامية لتضليل الرأي العام”.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *