
أكدت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد، أن الاستراتيجية السابقة لواشنطن، التي كانت تقوم على إسقاط الأنظمة وإعادة بناء الدول المنهارة، قد توقفت في عهد الرئيس دونالد ترامب، وهو موقف ينسجم مع تصريحات الرئيس الأميركي خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط.
وقالت غابارد، التي خدمت في الحرس الوطني التابع للجيش أكثر من عقدين وعملت في العراق والكويت، في كلمة أمام «حوار المنامة»، وهو منتدى أمني سنوي يعقد في البحرين، إن واشنطن تتبنى اليوم «نهجاً واقعياً ومبنياً على الصفقات» يركز على «حماية الأمن والازدهار الأميركيين، وبناء السلام».
وأوضحت غابارد التي غادرت الحزب الديموقراطي بسبب خلافات سياسية أن السياسة التقليدية للولايات المتحدة، التي كانت تركز على «نشر الديموقراطية وحقوق الإنسان»، استُبدلت الآن بنهج يركّز على «الرفاه الاقتصادي والاستقرار الإقليمي».
ورغم أن واشنطن شاركت في قصف المنشآت النووية الإيرانية، أشارت المسؤولة الأميركية إلى أن جزءاً من هذا التحول في النهج شمل السعي لإنهاء الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، إضافةً إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار الهش في غزة.
وقالت غابارد، التي تتعرض لانتقادات بسبب افتقادها لأي خبرة في الاستخبارات: «لسنوات طويلة، كانت سياستنا الخارجية تدور في حلقة مفرغة من تغيير الأنظمة وبناء الدول، وهو نهج شمل إسقاط الحكومات، وفرض أنظمة حكمنا على الآخرين، والتدخل في نزاعات لم نكن نفهمها جيداً. وكانت النتيجة إنفاق تريليونات الدولارات، وفقدان عدد لا يُحصى من الأرواح، وفي كثير من الحالات خلق تهديدات أمنية أكبر». وأضافت: «الطريق الجديد أمامنا لن يكون سهلاً أو قصيراً، لكن الرئيس ترامب ملتزم تماماً بمواصلة هذا المسار»، مضيفة: «أتحدث إليكم اليوم بصفتي جندية محاربة سابقة شهدت الثمن الباهظ للحروب بعيني، وكمسؤولة خدمت تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب ورأيت التزامه بتحقيق السلام».
ولفتت إلى أن الوضع في إيران ما زال مقلقاً، مشيرةً إلى أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلن مؤخراً رصد «تحرّكات جديدة» داخل منشآت طهران النووية.
إلى ذلك، دافع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أمس، عن قرار ترامب باستئناف التجارب النووية للمرة الأولى منذ 33 عاماً، واصفاً ذلك بأنه «تصرف حكيم»، نظراً إلى أن بلاده تمتلك «قدرات نووية متقدمة جداً»، متجاهلاً بذلك الانتقادات التي تقول إن القرار سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ويطلق سباقاً نووياً دولياً. وألقى هيغسيث بهذه التصريحات خلال تصريح للصحافيين على هامش الاجتماع ال 12 لوزراء دفاع «آسيان بلس» المنعقد في كوالالمبور، مما دفع بوزير الدفاع الماليزي محمد نورالدين إلى التأكيد في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع أن نظيره الأميركي «لم يذكر شيئاً بخصوص الاختبارات النووية خلال الجلسات الرسمية» مشدداً على أن موقف «آسيان» ثابت وواضح في أن المنطقة يجب أن تبقى خالية من الأسلحة النووية وأن «أي سلاح قادر على تدمير البشرية يجب تقييده وعدم تشجيعه».
وكان هيغسيث قال في كوالالمبور بعد محادثات مع نظيره الصيني دونغ جون أمس الأول، «كان الرئيس واضحاً، يجب أن يكون لدينا ردع نووي موثوق (…) إن استئناف التجارب هو طريقة مسؤولة إلى حد ما».
وأطلق هيغسيث، الذي توجه له اتهامات بعدم الكفاءة، انتقادات حادة للصين بسبب زيادة «الأعمال المزعزعة للاستقرار» في بحر الصين الجنوبي، وتعهد بدعم دول جنوب شرق آسيا بالتكنولوجيا لمساعدتها على الرد المشترك على «التهديدات الصينية».
واقترح الوزير الأميركي على وزراء دفاع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تشكيل وعي مشترك بالمجال البحري، وقال إن الصين أظهرت عدم احترامها وهددت السيادة الإقليمية لدولهم.
جاءت هذه التصريحات بعد يوم واحد من تنفيذ القوات المسلحة لأستراليا ونيوزيلندا والفلبين والولايات المتحدة مناورات في بحر الصين الجنوبي، قال متحدث عسكري صيني إنها «قوضت السلام والاستقرار على نحو خطير».
وقال وزير الدفاع الصيني دونغ جون أمس الأول إنه من الضروري أن تعمل بكين وآسيان معاً من أجل «حشد القوة الشرقية» وحماية السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي.
