في تصعيد دراماتيكي عكس حجم التوتر بين موسكو وواشنطن، حذّر الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مغبة الاستخفاف بالقدرات النووية الروسية، مذكّراً إياه بنظام «اليد الميتة» الأسطوري، وهو آلية إطلاق نووي تلقائي صُممت خلال الحقبة السوفياتية لضمان الرد الشامل في حال فقدت القيادة السيطرة بعد ضربة عدو قاتلة.
تهديدات ميدفيديف جاءت ردّاً على تصريحات ترامب وصفه فيها بـ «الرئيس الفاشل»، الذي «يعتقد أنه لا يزال يحكم روسيا»، وطلب منه صراحة «أن ينتبه لكلامه»، في ظل ما اعتبره «مستوى خطيرا جداً من الخطاب الروسي».
وكان ميدفيديف قد انتقد تهديد ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية عقابية على روسيا ومشتري نفطها، معتبراً أن ذلك «لعبة إنذارات خطيرة».
وكان ترامب قد أمهل روسيا حتى العاشر من أغسطس الجاري لوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا، ملوّحاً بعقوبات اقتصادية «غير مسبوقة». وكتب على منصته «تروث سوشيال» أن «روسيا أمامها 10 أيام لتقبل بوقف إطلاق النار، وإلّا فستدفع الثمن».
في المقابل، قال ميدفيديف إن «رد الفعل العصبي» من ترامب يُثبت أن روسيا تسلك الطريق الصحيح. وأضاف أن تذكير ترامب بنظام «اليد الميتة» يأتي في سياق الدفاع عن الأمن القومي، متهماً واشنطن بإشعال الأزمات.
ميدانياً، صعّدت روسيا من ضرباتها العسكرية على أوكرانيا، حيث شنت هجوماً صاروخياً ومسيّراً واسعاً على العاصمة كييف، مما أسفر عن مقتل 8 مدنيين بينهم طفل يبلغ 6 سنوات، وإصابة 73، حسبما أعلنت السلطات الأوكرانية.
وقد دُمّرت واجهات مبانٍ سكنية في أحياء كييف الغربية، بينما هرعت فرق الإنقاذ للبحث بين الركام عن ناجين وممتلكات الأهالي.
وبالتزامن مع ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية سيطرتها الكاملة على بلدة تشاسيف يار الاستراتيجية في إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا، بعد قتال استمر 16 شهراً. وقالت إن «القوات المسلحة حررت المدينة بالكامل»، ووصفت السيطرة عليها بأنها «مفتاح للتقدم نحو كراماتورسك وسلوفيانسك»، وهما آخر معاقل الجيش الأوكراني في المنطقة الصناعية.
لكن كييف سارعت إلى نفي هذه الادعاءات، وقال المتحدث باسم مجموعة خورتيستيا العسكرية إن «ما تدعيه موسكو غير دقيق»، مؤكدا أن القوات الأوكرانية لا تزال تقاتل داخل تشاسيف يار، التي تحولت إلى أنقاض، بعد أن كانت تضم أكثر من 12 ألف نسمة قبل اندلاع الحرب.
في مواجهة هذه التطورات، صعّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لهجته، ودعا في مؤتمر صحافي بمناسبة الذكرى الخمسين لاتفاقية هلسنكي إلى «تغيير النظام في روسيا»، قائلاً: «إن لم يهدف العالم إلى الضغط لإسقاط هذا النظام، فإن موسكو ستواصل زعزعة استقرار جيرانها حتى بعد انتهاء الحرب».
وأضاف زيلينسكي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يرتبط وجوده الشخصي باستمرار هذه الحرب العبثية»، ودعا إلى تقديمه للعدالة باعتباره «مجرم حرب لا يرغب في وقف القتل».
وتأتي هذه الدعوات وسط تحذيرات من مغبّة تصعيد المواجهة بين روسيا والغرب، خصوصاً بعد عودة التلويح باستخدام الأسلحة النووية، في وقت يشهد الميدان الأوكراني تبدلاً في التوازنات مع التقدم الروسي الملحوظ على عدة جبهات، وتصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية الدولية المتبادلة بين موسكو وواشنطن.