هل دقّت «الساعة النووية» فوق بحر الشمال؟



اعتبر مسؤولون ومحللون روس أن مناورات الردع النووي لحلف الناتو «ستيدفاست نون» (الظهيرة الصامدة)، التي انطلقت أمس الأول، تمثل تصعيداً خطيراً في ظل التوتر المتصاعد بين روسيا والحلف، خصوصاً بعد حوادث الطائرات المسيّرة الغامضة واتهام الحلف لموسكو بانتهاك أجوائه. تأتي هذه التطورات في وقت فشلت مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف حرب أوكرانيا، فيما تستعد واشنطن لتزويد كييف بصواريخ توماهوك المجنحة بعيدة المدى.

ورغم التأكيدات الرسمية بأن التدريبات الجوية «لا علاقة لها بأي أحداث جارية»، فإن توقيتها، وحجمها، وموقعها قرب الحدود الروسية مباشرة يجعل منها إشارة تصعيدية صريحة، تقرأ في موسكو على أنها جزء من استراتيجية غربية منسقة لرفع سقف الضغط النووي على روسيا.

ونقلت «روسيا اليوم» عن الخبير العسكري الروسي يوري كنوتوف قوله إن «السيناريو النووي بات إحدى أولويات الناتو»، موضحا أن «الغرب يتدرب على سيناريوهات قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا».

وبدأت هذه المناورات، أمس الأول، وتستمر أسبوعين فوق بحر الشمال، بمشاركة 70 طائرة عسكرية من 14 دولة عضو في الحلف، بينها مقاتلات حديثة من السويد وفنلندا الدولتين اللتين انضمتا حديثا أو تتجهان للانضمام إلى الناتو، إضافة إلى طائرات ألمانية وبولندية معدة لحمل قنابل نووية أميركية من طراز B61، وأربع مقاتلات من طراز F-35 متعددة المهام، قادرة على حمل أسلحة نووية وتقليدية على حد سواء.

ويتركز التمرين حول قاعدة فولكل الجوية في هولندا، التي يعتقد أنها تستضيف نحو 20 قنبلة نووية أميركية، في إطار سياسة «المشاركة النووية» التي تتيح لدول غير نووية في الناتو استخدام أسلحة نووية أميركية في حال اندلاع نزاع، وهو ما يعتبره الخبراء انتهاكا لروح معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

رسمياً، تهدف المناورات إلى «التدريب الدوري لضمان جاهزية الردع النووي»، ولا تتضمن استخدام أسلحة فعلية، بل نماذج محاكاة تعلق على الطائرات.

وقال نائب مدير مركز الدراسات بجامعة البحوث العليا للاقتصاد (الهسك) في روسيا دميتري سوسلوف إن «توقيت هذه المناورات ليس عرضيا»، مؤكدا أنها «تندرج في سياق تصعيدي واضح»، خاصة في ظل «الاتهامات المتكررة وغير المبررة لروسيا بانتهاك المجال الجوي عبر طائرات مسيرة، وتفعيل المادة الرابعة من معاهدة الناتو بشكل شبه دائم».

وذكرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أمس الأول، خلال زيارة لكييف، أن روسيا تخاطر بإشعال الحرب، بعد اختراق مسيرات وطائرات عسكرية روسية المجال الجوي الأوروبي.

ورأى سوسلوف أن «الحلف، لو لم يكن يسعى إلى مزيد من التصعيد، لكان من الحكمة تأجيل هذه التدريبات في ظل الأجواء المشحونة»، معتبرا أن ما يجري «يعكس نية غربية منسَقة لزيادة الضغط على روسيا وتقليل فرص التسوية الدبلوماسية للأزمة الأوكرانية».

ونقلت جريدة «إزفستيا» أمس عن نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي كونستانتين كوساتشيف قوله إن «مناورات الردع النووي لحلف الناتو تطور محفوف بالمخاطر لأن مثل هذه الممارسة قد تدفع موسكو إلى اتخاذ خطوات انتقامية».

وشدد كوساتشيف على أن «هذا النوع من التدريبات يوضح أن الحلف ليس تحالفا دفاعيا لكنه تحالف هجومي، حيث يتخذ خطوات استفزازية منذ نهاية الحرب الباردة، في حين دعت موسكو مرارا وتكرارا الحلف إلى وقف التوسع شرقا في بنيته التحتية العسكرية وإنهاء تدخله في الدول المتاخمة لروسيا».

وفيما أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، دميتري بيسكوف، أمس، أن روسيا ترحب بنية ترامب التركيز على التوصل الى حل سلمي للصراع في أوكرانيا بعد اتفاق غزة، أثارت تصريحات حول الصين للأمين العام للناتو مارك روته خلال اجتماع للحلف. وقال روته إنه «إذا قرر الرئيس الصيني شي جينبينغ التحرك ضد تايوان، فمن المرجح أن يدفع شريكه الأصغر روسيا بقيادة بوتين إلى التحرك ضد حلف شمال الأطلسي من أجل تشتيت انتباهنا».



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *