– سطّر أبطال «الحرس» ملاحم بطولة وثبات ودافعوا عن معسكرهم ببسالة
– دماؤهم الطاهرة لم تذهب سُدى بل كانت وقوداً لتحرير البلاد واستعادة عزتها
تحلّ، السبت، الذكرى الـ35 للغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت، التي يستذكرها الكويتيون كل عام، وهم أشد عزيمة على تخطي المِحن. فيما تستعيد البلاد في هذه الذكرى صفحات مؤلمة من تاريخها لا يمكن نسيانها، ولكنها في الوقت ذاته تضرب أروع الأمثلة في التعالي على الجراح والتسامح.
وشكل يوم الثاني من أغسطس المشؤوم الذي تحل ذكراه الـ 35، محنة وملحمة أكدتا صلابة الإرادة السياسية الكويتية، مدفوعة بظهير شعبي، لتضربا معاً أروع الأمثلة في التعاضد من أجل دحر العدوان ونصرة الشرعية، وبقاء الكويت التي أراد النظام البائد الغاشم ضمها إلى دولته.
ومع الذكرى الخامسة والثلاثين، نستذكر بكل فخر واعتزاز بطولات رجال الحرس الوطني، الذين لُقّبوا بـ«الجيش الأخضر» تقديراً لبسالتهم وتفانيهم في ميادين القتال. فقد تصدوا ببسالة لذلك العدوان الغادر، وكتبوا بأرواحهم ملحمة تاريخية نادرة لم يشهد لها العالم مثيلاً، جسّدوا فيها أروع معاني الرجولة والتضحية والصمود.
فقد وقف رجال الحرس الوطني وجهاً لوجه أمام آلة الحرب الغادرة، في مواجهة شرسة، شكّلوا فيها، مع رفاق السلاح في تشكيلات الجيش الأخرى، سداً منيعاً، وأثبتوا أن الدفاع عن الوطن شرف لا يعلوه شرف، مؤدين واجبهم حتى آخر رمق، مدافعين عن السيادة، ومقدمين أرواحهم فداءً للكويت وشعبها، في مواقف بطولية ما زالت محفورة في ذاكرة الوطن وقلوب أبنائه.
وقد كانت معركة «معسكر الصمود» في الحرس الوطني، إحدى أبرز المحطات المفصلية في هذه الملحمة، حيث أصبحت رمزاً للفداء والثبات، ودماء الشهداء فيها كانت عنواناً للوفاء والولاء، في مواجهة جار غادر، جاء متوشحاً برداء «العروبة» المزعومة، وادعاءات كاذبة عن الجيرة، التي لم يرعَ حرمتها.
مديرية التوجيه المعنوي في الحرس الوطني، طبعت إصداراً خاصاً توثيقياً عن معركة معسكر الصمود، تنشر «الراي» مقتطفات منه، حيث قدمه له وكيل الحرس الوطني الفريق الركن هاشم الرفاعي، بقوله إن «الثاني من أغسطس لعام 1990، لم يكن يوماً عادياً في تاريخ الكويت ولا في ذاكرة العالم. فقد شكّل منعطفاً مفصلياً محفوراً في وجدان الأجيال، عندما دنّست أرض الكويت الطاهرة أقدام الغدر والخيانة، ناشرة آلة الدمار والتخريب في كل اتجاه».
وأضاف الرفاعي: «كانت معسكرات الحرس الوطني، وعلى رأسها معسكر المباركية، من أولى أهداف ذلك العدوان، حيث تمركزت قوات الغزو عند دوار الأمم المتحدة الحالي، وبدأت بقصف تلك المواقع الحيوية. وهنا انطلقت معركة الصمود، التي سطر فيها أبطال الحرس الوطني ملاحم من البطولة والثبات، دافعوا عن معسكرهم ببسالة، رافضين الاستسلام، مؤمنين بأنهم على ثغر من ثغور الوطن لا يجوز لهم التراجع عنه».
وتابع «قدّم رجال الحرس الوطني تضحيات عظيمة بين شهيد وجريح وأسير، لكن دماءهم الطاهرة لم تذهب سُدى، بل كانت وقوداً لتحرير البلاد واستعادة عزتها. لقد استبسلوا في الدفاع، وصمدوا أمام عدو غادر يفوقهم عدة وعتاداً، لكنهم تفوقوا عليه إيماناً وعقيدة، فسطروا يوم الصمود، وخلّدوه في تاريخ الوطن ليظل منارة للأجيال القادمة».
وأشار إلى أن البطولات الخالدة لا تُنسى، لذلك حرصت مديرية التوجيه المعنوي على توثيق هذه الملحمة عبر شهادات حية تُنشر لأول مرة منذ أكثر من 30 عاماً، يقدمها رجال الحرس الوطني ممن شاركوا في الدفاع عن الوطن بكل شرف وفداء. هذه الشهادات لا تروي فقط تفاصيل المعركة، بل تجسّد روح التضحية والإخلاص في أبهى صورها.
رمز الدفاع والثبات
يُعد معسكر الصمود أحد أبرز المعسكرات العسكرية في الكويت، ويقع ضمن حدود منطقة معسكرات المباركية، التي تُعد أهم منطقة عسكرية في البلاد نظراً لموقعها الإستراتيجي الحيوي، وقربها من مراكز القيادة العليا للقوات المسلحة. ونال المعسكر اسمه «الصمود» بعد أن سطّر أفراده ملحمة بطولية في وجه قوات الجيش العراقي التي اجتاحت الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990.
فقد شكّل هذا المعسكر إحدى الجبهات الأولى للمقاومة المسلحة، حيث أبدت قوات الحرس الوطني المرابطة فيه ثباتاً استثنائياً وصموداً تاريخياً، وتمكنت من صدّ الهجوم والتصدي للاقتحام رغم قلة العدة والعتاد. وتحوّل المعسكر منذ ذلك اليوم إلى رمز وطني للبسالة والتضحية، وأصبح اسمه محفوراً في ذاكرة الكويتيين، ليس فقط كموقع عسكري، بل كعنوان للمقاومة والشرف.