في اكتشاف طبي مثير، تمكن باحثون من كشف النقاب عن آلية بيولوجية جديدة ومفصلة توضح كيف تقوم جزيئات السكر بدور «مرشد» أو «موجه» للخلايا المناعية، ما يدفعها إلى المشاركة في عملية بناء الأوعية الدموية الجديدة.
هذه العملية، المعروفة باسم «تكوين الأوعية»، هي عملية حيوية للغاية للشفاء من الجروح ونمو الأنسجة، لكنها أيضاً عامل محوري في نمو الأورام السرطانية، التي تحتاج إلى شبكة وعائية لتغذيتها ونقلها. الدراسة وجدت أن سكراً محدداً على سطح الخلايا المناعية من نوع «البلاعم» يعمل كمفتاح تشغيل لإطلاق بروتينات معينة تحفز بناء الأوعية.
وعندما يحتاج الجسم إلى أوعية دموية جديدة، كما في حالة التئام الجروح، تقوم جزيئات السكر هذه بتوجيه البلاعم – التي هي عادةً خلايا «نظافة» تلتقط المخلفات – إلى موقع الإصابة وتحولها إلى «مقاول بناء». وتبدأ البلاعم في إفراز عوامل نمو تحفز الخلايا البطانية المجاورة على التكاثر وتشكيل أوعية دموية جديدة. ومع ذلك، تستغل الأورام الخبيثة هذه الآلية نفسها لصالحها، حيث تقوم بإرسال إشارات كيميائية تخدع البلاعم وتحثها على بناء شبكة وعائية تغذي الورم وتسمح له بالنمو والانتشار.
وفي الآتي عدد من أهم النتائج الرئيسية للدراسة:
• جزيئات السكر على سطح البلاعم تتحكم في دورها في بناء الأوعية.
• توجيه البلاعم إلى مواقع الجروح لتحفيز الالتئام.
• استغلال الخلايا السرطانية لهذه الآلية لتغذية الورم بالدم.
• يفتح الاكتشاف باباً لعلاجات جديدة تمنع تكوين أوعية دموية ورمية.
وهذا الكشف لا يقدم فهماً أعمق للبيولوجيا البشرية فحسب، بل يضع أساساً لإستراتيجيات علاجية مستقبلية ثورية. من خلال استهداف جزيئات السكر هذه أو الإشارات المرتبطة بها، قد يتمكن العلماء من تطوير أدوية «مضادة لتكوين الأوعية» تحرم الأورام من الغذاء وتجوعها، من دون التأثير على عملية الالتئام الطبيعية في بقية الجسم. إنه مثال جديد على كيف أن فهم الآليات الأساسية في الجسم يمكن أن يقود إلى طرق مبتكرة لمحاربة أخطر الأمراض.


