شامخاً شموخ الكويت..
عالياً عُلوّ همّتها..
ثابتاً ثبات مبادئها..
السلم لا يعني الاستسلام، والقوة لا تعني التطاول، والوضوح لا يعني التجرؤ، والاعتدال والحكمة ديدننا الذي لا يفارقنا.
معادلات كويتية أصيلة، عتيقة، ثابتة، تلك المعادلات الصعبة جمعها كلّها مُمَثّل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد الصباح الذي كان فخراً للكويت وأهلها وكلّ الشرفاء ناشدي الحق والعدالة عندما عبّر عن كلّ تلك المبادئ الكويتية في كلمة دولة الكويت أمام الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث مثّل صاحب السمو على المنبر الأممي وفي قمة المستقبل.
في كلمتيه هناك، فكّك سمو الشيخ صباح الخالد المعادلات الصعبة وحذّر بكل صدق وشفافية، وبكلّ حرقة قلب صادقة المنظومة الأممية من خطورة المعايير المزدوجة خصوصاً في مجلس الأمن على العدالة التي تنشدها كلّ الأمم .
حذّر- سموه – من ممارسات الاحتلال ضدّ الفلسطينيين ولبنان، وأكّد ثبات الموقف الكويتي في مساندة هذا الحق ودعم الشعب، دان كلّ الانتهاكات في مختلف القضايا، وحثّ على التعاون والتعاضد نحو الأهداف المشتركة ضارباً أمثلة حية عملية ناجحة بمنظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي كان ومازال وسيبقى صوت الحكمة والاعتدال في محيط يعجّ بالتحوّلات المتسارعة.
لم ينسَ العلاقة الطيبة مع العراق رغم كل ما فات، مثلما لم ينسَ أو يتناسى حقوق الكويت على جاره العربي المسلم داعياً بغداد إلى خطوات حاسمة وعاجلة لمعالجة العالق من الملفات بين البلدين.
هِمّته في نيويورك لم تكن فقط بالكلمات التي ألقاها، ولا بالتحركات التي رصدتها الشاشات، بل هِمّته الكبرى رأيناها كذلك عبر هذا الكم الهائل من عشرات اللقاءات التي أجراها سمو الشيخ صباح الخالد مع الزعماء الملوك والأمراء والرؤساء ورؤساء الحكومات من شتى بقاع العالم وقارات الأرض في أيام معدودة، عدا عن لقاءاته -معبراً عن رغبة صاحب السمو – مع رؤساء شركات عملاقة عالمية.. وهذا كلّه للكويت وأهلها وسيجنون ثماره خيراً ورزقاً وفيراً وأمناً وطمأنينة إن شاء الله .
الكويت، وعلى مرّ الأزمان، سلاحها الأول الدبلوماسية، تلك هي الحقيقة العميقة التي أدركها مبكراً جَدُّ حكام الكويت الشيخ مبارك الصباح (الكبير) طيب الله ثراه، الذي تمكن من العبور بالكويت من كلّ الظروف الصعبة، وحفظها دولة مستقلة في زمن صعب غابت فيه ممالك وإمارات ومشايخ كانت أقوى وأهم، لكنها استحالت مجرد ذكرى بين دفتي كتاب هنا أو هناك، بينما الكويت ظلت حقيقة قائمة شامخة ثابتة دائمة بإذن الله.
هذه الخبرة، وهذا الإدراك لأهمية الدبلوماسية لبلد مثل الكويت موقعاً وجغرافياً وسكاناً وثروة وقدرات عسكرية تناقلت وتوارثت مع حكام الكويت السابقين طيب الله ثراهم، الذين تولّوا الأمانة وحفظوها ونقلوها من جيل إلى جيل آمنة مطمئنة بإذن الله.. وأيّ أمانة أهم وأكبر وأعظم من الكويت.
إنها خبرة متوارثة، التقت مع تلك الخبرة التراكمية الكبيرة التي عركتها السنون وصقلتها الأيام والأحداث لدى ممثل صاحب السمو، سمو الشيخ صباح الخالد، مدمجة بتلك الروح والأخلاقيات النابعة من بيوت الحكم التي نشأ فيها، فكانت النتيجة التي رأيناها على المنبر الأخضر وكُلّنا مشاعر زهو وفخر، مستذكرين كل ذلك التراث الكويتي العتيق الذي حافظ على المركب الكويتي ثابتاً قادراً أن يشقّ طريقه ويصل إلى أهدافه مهما علت الأمواج وتلاطمت، فالأساس قوي ثابت والنواخذة متمكنون والشعب عضيدهم ومحبهم يثق فيهم وينشد معهم الهولو واليامال.
صاحب السمو أمير البلاد ، قائد مسيرتنا وسليل أسرة الخير بكلّ هذه الخبرات الموروثة والمكتسبة، شكراً لكم هذا الاختيار لمن مثّلكم ومثّل الكويت خير تمثيل وحمل رسالتكم إلى العالم بكل اقتدار ليصدح بها بكلّ ثقة واحتراف.
الكويت كانت ومازالت وستبقى بإذن الله مدرسة في الدبلوماسية والأخلاق، مدرسة في الحق والثبات عليه، مدرسة في المحبة والسلام، مدرسة في الأخوة والعطاء وحسن الجوار، مدرسة في التلاحم بين القيادة والشعب تحت راية واحدة عالية خفاقة يرفعها الأمين على أمانة الكويت صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه .. شكراً لك يا كبيرنا الذي يقود سفينتنا باقتدار قلّ أن يكون له نظير.