من يلاحظ ورشة العمل القائمة منذ أكثر من خمس سنوات سيشعر فعلا بوجود حركة عمرانية نشيطة في الكويت، لكن الاقتراب منها لا ينبئ بـ «نهضة» عمرانية حقيقية، ويبدو أن ما يحصل هو مجرد فورة تجارية تركزت في الجانب العقاري، ولا شيء يشير إلى وجود خطة أو استراتيجية متبعة، فليست هناك هوية واضحة للأشكال المعمارية، ولا تنظيم في تنسيق البنايات التي تظهر كالفطر في كل مكان، من دون بنية تحتية موازية، أو بيئة عمرانية مناسبة.صحيح أن الكويت ظلت في حالة سكون فترة طويلة، كانت الحروب في المنطقة والواقع السياسي أحد أسبابها، لكن التداعيات السياسية أيضا، وخصوصا لجهة ما حدث في العراق، أفرزت حالة من التفاؤل النسبي، أفضت إلى هذه الطفرة العمرانية، كجزء من الانفتاح الاقتصادي، ولكن لم يواكبها تخطيط مواز طويل الأمد، ينظم هذه الطفرة ويراقبها، وفلتت من عقالها، فحدث ما يشبه الفوضى، ويمكن رؤيتها بسهولة في الأشكال العمرانية البائسة، والخالية من أي لمحات فنية، بل مجرد كتل بلا روح، تابعة للمدن الأسمنتية التي تخنق الكويت.جمعية المهندسينرئيس رابطة المعماريين في جمعية المهندسين المهندس مزيد المطيري يرى ان الطفرة العمرانية، التي تشهدها الكويت حاليا، «أقرب الى الفوضى، فهي ليست تطورا ولا انتعاشا اقتصاديا كما يروج، والسبب عدم الاستقرار في القرارات، فالقرار يصدر اليوم وبعد اسبوعين أو بعد شهر أو سنة يتغير، بينما في الدول المتقدمة ذات النظرة المستقبلية فإن التخطيط يكون على المدى الطويل، يصل الى 10 سنوات وأحيانا حتى 50 سنة، ونحن عندما نقوّم حال الكويت فهناك معايير يجب ان نستند إليها، لا كما يحصل حاليا حيث الطفرة العمرانية جاءت نتيجة الكثافة السكانية، ولم تأت في سياق التطور».ولاحظ المطيري أن البناء يجري «دون مراعاة بعض الأمور الموازية، ولنأخذ العاصمة كمثال، فنجد ان عملية البناء حاضرة وبكثافة، سواء كانت في الاراضي الفضاء او في الأبنية القديمة بعد هدمها وبناء ابراج شاهقة مكانها، ولكن ليست هناك نظرة مستقبلية بعيدة المدى، اي ماذا اريد من العاصمة بعد 25 سنة مثلا؟ وكيف اريدها؟».جمعيات النفع العاموأضاف المطيري: «في حين نجد في الدول الاخرى ان الحكومة تلجأ الى جمعيات النفع العام واولها جمعية المهندسين عند القيام بالمشروعات الضخمة والمهمة للبلد، أما عندنا فالصورة مقلوبة، فالجمعية قدمت مبادرات واقتراحات عشرات المرات، ولكن لا احد يسمع، ومنذ عهد المهندس عادل الخرافي عندما كان رئيسا فخريا للجمعية، وحتى الوقت الحالي في رئاسة المهندس طلال القحطاني، نعمل بإخلاص ونخاطب الحكومة باقتراحات ومبادرات، واقرب مثال تبنينا لموضوع الترشيد الكهربائي، كما نراقب عن كثب ونطرق ابواب الحكومة، وأوضحنا ان هنالك قوانين تتعلق بالنهضة العمرانية يجب تعديلها، وأكدنا أن التطور العمراني ليس جهدا فرديا».وأعرب المهندس المطيري عن أسفه لعدم المشاركة في وضع المخطط الهيكلي للعاصمة، وقال: «لم يؤخذ رأينا في الموضوع، والامر ليس استبعادا لنا، لكن هناك جهازا يدرس الموضوع ويقدم رأيه وتصوره، مع العلم بأن هذا المخطط يجب الا يكون منوطا فقط بالبلدية، وانما البلد كله، كل حسب اختصاصه، يجب ان يكون له رأي في الأمر، ولو من باب الاستئناس بالرأي».غياب الهويةوأكد المهندس المطيري «غياب الهوية عن العمارة في الكويت، وكانت في السابق هنالك هوية عمرانية للكويت، لكن الطفرة العمرانية الفوضوية ادت الى طمس هذه الهوية، فقليلون هم من تكلموا ونبهوا الى ضرورة وجود هوية عمرانية»، وأرجعها الى «أسباب عدة على رأسها موضوع الفساد، وتجاوز قوانين البناء، وتقلص الرقابة في بلدية الكويت، إضافة الى ان المعماريين الكويتيين المؤهلين لترسيخ هذه الهوية المعمارية قليلون، ولم يأخذوا فرصتهم الكاملة، وكذلك ضعف عملية التوعية المعمارية للمواطنين».ودعا «متخذي القرارات المهمة وخصوصا البناء والعمران الى ان يكون عندهم استشاريون متخصصون، فالعاصمة اتخذ بشأنها قرار سياسي لجهة العمران والبناء، في وقت لم يكن هناك اي رأي فني، فالقرار صدر عن الحكومة ولم يصدر عن جهات متخصصة، فتوقف هذا القرار بعد سنة»، وشدد على ضرورة «مراعاة الامور الفنية وان تترك للفنيين مع الدعم السياسي لها، ونحن في الجمعية قدمنا دراسات بشأن العاصمة بالتعاون مع رابطة المعماريين، تتعلق بالازدحام والتلوث وفوضى البناء وسواها الى مجلس الامة، وكان المطلوب الدعم من اعضائه ولجانه، لكن القرارات السياسية التي تتخذ بين الحين والآخر افقدت الموضوع الزخم والاهمية المطلوبين لتطوير العاصمة، فأفضى الى ما نراه حاليا مع الاسف».اتحاد ملاك العقاروقال أمين سر اتحاد ملاك العقار في الكويت قيس الغانم إن «موضوع الطفرة العمرانية في الكويت حاليا يطرح نفسه بقوة، ولكن دعنا نعود الى الوراء قليلا، فعندما انشئت لجنة تنمية المناطق التجارية والاستثمارية سابقا كان عملها يقوم على الروح الفنية، بمعنى ان اي انسان يرخص له يجب ان يقدم معلومات وصلت الى حد نوعية المواد المستخدمة في البناء والديكورات والواجهات، إذ كانت اللجنة تتدخل بشكل كامل في هذا الموضوع، وسارت الامور على هذا المنوال، لكن بعد فترة حدثت تعديلات على رؤساء اللجنة، حيث ترأسها حتى الآن ثلاثة رؤساء، وبطبيعة الحال كل رئيس له منظور خاص به، فاختلفت الأمور عما سبق لجهة الرقابة على البناء ومواكبة كل صغيرة وكبيرة». ورأى الغانم أن «المشكلة ليست بالافراد أو البلدية، بل على مستوى الطبقة العليا في البلد متمثلة في الحكومة، إذ ليس لديها توجه محدد لجهة ماذا تريد وكيف، فمثلا في دبي هناك منظور وتوجه عند الحاكم عما ستكون عليه دبي مستقبلا، وكيف ستكون، فهذه الرؤية خلقت ابداعات عجيبة في دبي، من ناحية المنظور الجمالي والتصميم والتنظيم والتطور وكل شيء، أما عندنا في الكويت فليست هناك سياسة منظورة لدى القيادات العليا في الدولة بأن تكون الكويت وفق تصور ما، فتركت الامور رهينة لاجتهادات مسؤولي البلدية، وهذه الاجتهادات تكون احيانا صائبة لكنها قد تكون في أحيان اخرى كارثية». التقليد والحداثة وقال الغانم إنه «لتبني عاصمة على قواعد صحيحة لجهة التطور والتصميم، يجب ان يكون الموضوع مدروسا من قبل جهات لديها خبرات استشارية كمكاتب عالمية ذات باع في هذه الامور، لتضع الاسس المطلوبة وتترك لك حرية الخيار بين هذه الأسس، هل هي اجتماعيا مناسبة لك ام ان الموضوع الآخر تقدمي اكثر، هنا انت تفرض الاساس الذي اخترته على البلدية، والاخيرة تفرضه على اصحاب الشأن من اصحاب العقارات». ولاحظ أن «بعض البنايات في العاصمة يحمل منظورا جميلا جدا، ويتماشى مع التطور المطلوب، لكن بعضها الآخر تقليدي يفتقر الى الهوية المعمارية والخصوصية، وبالاجمال عندما تدخل العاصمة تجدها بلا تناسق، فهناك ابراج الى جانب عمارات ارتفاعها محدود، فتجد الطويل الى جانب القصير، وهذا يجعل المشاريع الجميلة تضيع في السياق العام، بحيث تفتقد جمالية خصوصيتها لأنها ستتأثر بالوضع العام في العاصمة، فليس هناك تكامل». وزاد «حتى البلدية اخطأت بحق الملاك، لان أي قوانين يجب أن تكون لها الاستمرارية، لاسيما القوانين الخاصة بجمالية المدينة، وهذا غير موجود، مما يخلق اشكالية للمستثمر الذي يجد نفسه غير مضطر إلى صرف اموال طائلة على مشروع ضعيف العائدات، ولتشجيع المستثمر يجب على البلدية ان تهيئ له الحافز والدافع». غياب الاستراتيجيةورأى الغانم أن «الخلل يكمن في عدم وجود استراتيجية للسنوات المقبلة، وهنا نتساءل: ما هي استراتيجية الحكومة للسنوات الاربع المقبلة؟ حيث لكل حكومة مدة طبيعية هي أربع سنوات أو نحوها، تبني استراتيجيتها على اساس السنوات المقبلة، لكن ما يحصل الآن هو عدم وجود استراتيجية (سياسية، اقتصادية، معمارية، مالية، رياضية، وسواها)، بل هنالك قوانين وضعت على اساس ان تسعف لكنها حاربت أي محاولة اصلاح، كقانون الاراضي الفضاء الذي ينص على انه اذا لم تتصرف فيها خلال ثلاث سنوات فسوف تحسب عليك ضريبة، وجاء قانون مناقض له تماما هو قانون منع الرهن، فكيف أتصرف بالاراضي الفضاء وانت كبلتني بقانون منع الرهن، وهذا التناقض يعود الى عدم وجود استراتيجية تخدم الاقتصاد والمواطن». وأشار الى «نقطة غاية في الاهمية وهي اعطاء دور للقطاع الخاص للمساهمة في تنفيذ مشاريع الحكومة الاسكانية الضخمة، فمع وجود المساحات الكبيرة من الاراضي وامكانات القطاع الخاص نحصل على مشاريع متطورة وتخدم المواطن بشكل جيد، في ظل قوانين عادلة وغير متناقضة، وهذا يحقق هدف الحكومة في خلق بنية معمارية متطورة، ويوفر عليها مبالغ طائلة، وفي الوقت نفسه يوفر بيئة عمل مناسبة ومطلوبة للشركات العقارية التي تشكو حاليا قلة الاعمال». مسمار جحاوأوضح الغانم ان المخطط الهيكلي «ولد في الستينيات من القرن الماضي، وعُدل كثيرا، وخضع لتأويلات واقاويل كثيرة حتى بات «مسمار جحا»، ففي كل مرة تطرح قضية العمران والبناء يقولون المخطط الهيكلي، وعندما نتساءل عن الفائدة منه لا نرى شيئا، علما بأنه انحصر في العاصمة وحسب، وحدثت عليه تغييرات كثيرة داخل العاصمة، في حين ان الضواحي منظمة والامور فيها تسير بشكل واضح وسليم، هنا سكني وهنا استثماري. باستثناء بعض الاماكن الصغيرة التي حولت من سكني الى استثماري لاسباب ارتآها اصحاب الشأن، لكن في النهاية نعود ونقول إن كل هذه الامور هي مجرد ادوات تجميل، لكن اين الاستراتيجية المدروسة؟ فالاشكالية الكبيرة هي عدم وجود استراتيجية، بل توجد اجتهادات من قبل الوزراء ومسؤولي البلدية».
المجلس البلديعضو المجلس البلدي خالد الخالد يوافق على وجود طفرة عمرانية «ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هي طفرة عمرانية منظمة ام مجرد فوضى؟ في الواقع هي طفرة عمرانية تقودها متطلبات السوق الحالية من دون نظرة مستقبلية، فكان من نتيجتها ارتفاع اسعار العقار وتهافت الناس على سوق العقار بقصد الربح، مما افرز حالات مخالفة كزيادة نسبة البناء والارتفاع بقصد زيادة العائد وتضخيمه، فنشاهد تلك العمارات الشاهقة بهذه الطريقة، لكن هل البنية التحتية للمدن تتلاءم مع هذه النوعية الجديدة من البنايات؟». ورأى الخالد ان «السوق يسبق البنية التحتية، وهذه هي المشكلة الرئيسية التي تؤدي الى الفوضى، فعندما تكون ادارات الدولة والجهات، التي تضع التشريعات والقوانين، في حالة لا تتماشى مع متطلبات السوق تكون الفوضى، وهو ما نراه حاليا في الكويت، اضافة الى أن السياسات العمرانية العالمية غير متبعة عندنا في الكويت، فالسوق يتطلب امورا والبلد لا يتفهمها، واقصد هنا البلدية صاحبة القرار في اصدار اللوائح، او بمعنى ادق الجهاز التنفيذي، فهو في وضع لا يتفهم متطلبات السوق».شارع فهد السالموأوضح الخالد: «عندما تريد بناء عقار فلوائح البلدية تنص على ان تبني على 50 في المئة من مساحة الارض، والـ 50 في المئة الاخرى ارتدادات وفضاءات حول البناء، هنا التناسق العمراني يصبح مشتتا وغير واضح، وانظر مثلا الى شارع فهد السالم تجد البنايات متلاصقة وبصورة متناسقة في خط واحد، بشكل يريح العين والنظر، عكس اماكن اخرى تفتقر الى التناسق فتخلق احساسا بالضيق، وهذه في الواقع امور فنية يجب مراعاتها لتكون العملية برمتها منظمة وتعكس تطورا في البلد، لكن للاسف هذه الامور غير موجودة وغير مدروسة بصورة جيدة، علاوة على نقطة اخرى مهمة اود الاشارة اليها، وهي ان واضعي اللوائح في البلدية يركزون غالبا على ملاحقة المخطئ بشكل اكبر من سعيهم الى ابراز الناحية الجمالية للبناء». ورأى أن المشكلة تكمن في غياب النظرة المستقبلية في ما يخص الشكل العام للمدينة، وماذا ستكون عليه في المستقبل، فالعمارات التي نراها حاليا لا تعدو ان تكون مجرد اجتهادات من قبل اصحابها، أحدهم يريد مبنى شاهقاً على شكل ما مع الحسبة الاقتصادية، فيكون له ما يريد خارج اطار مخطط عام او نظرة مستقبلية عامة للبلد، ففي معظم انحاء العالم المتقدم تجرى مراعاة متطلبات القطاع الخاص المعني بالبناء، لاسيما البنية التحتية، أما لدينا فالجهاز التنفيذي والقطاع الخاص، بينهما تباعد بدلا من التنسيق والتوافق.نظرة مستقبليةوأشار الخالد الى أن «دعم الدولة للقطاع الخاص يكاد لا يوجد، والدولة لا تعتبره العمود الفقري للاقتصاد، أو بمعنى ادق، شريكا رئيسيا في العملية العمرانية كلها، مع العلم ان القطاع الخاص ينفذ القرارات التي يتخذها الجهاز التنفيذي بشكل ممتاز لانه اكثر تطورا من القطاع العام، ويسعى على الدوام الى تطوير نفسه لتعظيم العائد، فلديه بحوث واستشارات اكثر، ونزوع الى ما يشهده العالم المتطور من مظاهر عمرانية حديثة ومتطورة، ذات نظرة مستقبلية، وعلى سبيل المثال المباني الذكية، ولا يخفى على احد مميزاتها لجهة التوفير بكل انواعه ومراعاة الامور البيئية». ورأى أن الحل يكمن في إنشاء «لجان مشتركة تضم القطاعات الحيوية في البلدية وممثلين عن القطاع الخاص، فتقوم البلدية بوضع اللوائح الجديدة المناسبة او تعديل القديمة، بينما يقدم القطاع الخاص امكانياته الضخمة والخبرات العالمية والمستشارين العالميين، وبالمحصلة تكون النتيجة ايجابية، ولنا في شارع فهد السالم خير مثال، وبالتالي سنرى نتائج ممتازة تنعكس ايجابا على واقع البلد العمراني». المخطط الهيكليولفت الخالد الى أن المخطط الهيكلي لن يكون له مفعول السحر على البلد، وفي الحقيقة هو لا يتضمن نظماً متطورة كما يروج، بل ينطوي على عيوب كثيرة، لكننا أصررنا عليه لان وجوده افضل من عدمه، فهو سيحدد معايير البلد بشكل واضح لجهة نسب البناء والتقسيمات التجارية والاستثمار السكني وضبط الامور، فالمخطط الهيكلي يصدر بمرسوم، ولهذا فأي تعديل عليه يجب ان يكون تعديلا على المرسوم الصادر من مجلس الوزراء، وهذا الامر سيحد عمليات التلاعب والتغيير. وزاد «المخطط الهيكلي يقدم تصوراً واضحاً لما سيكون عليه حال البلد عمرانياً للسنوات العشر المقبلة على الأقل، ولو اسقطنا الموضوع على الكويت العاصمة فسنعرف بموجبه نسبة البناء التجاري من الاستثماري من السكني، أي ستكون هنالك منهجية واضحة، في حين ان ما نراه حاليا هو مجرد فوضى عمرانية».القطاع الخاص وقال الخالد إنه يثق بالقطاع الخاص «إذا كان عمله يندرج في اطار ضوابط محددة، ويكون خاضعا للرقابة الفعلية، لكن المشكلة في الكويت هي أن الرقابة تجرى من خلال قوانين وليس من جهاز تنفيذي قادر على الرقابة والمتابعة بشكل جاد، لهذا فقوانيننا تصدر عقيمة، أي غير قابلة للتطبيق، والطامة الكبرى ان الجهاز التنفيذي لا يقوم بجولات للبحث عن الخطأ في البناء، بل يمنع البناء اصلا إلا وفق شروط يضعها، وقد تكون تعجيزية احيانا فيقف حجر عثرة امام التطوير والتحديث العمراني»، ومن هذا المنطلق «لا يلام القطاع الخاص، فعندما يرى الحبل على الغارب يقوم بعمليات البناء العشوائية بقصد الربح، مع العلم انه مستعد للتعاون مع الدولة إذا ما وجدت الرؤية السليمة والتعاون المطلوب لفائدة الطرفين». النظرة النفسيةأشار المهندس المطيري الى ما أسماه «النظرة النفسية» في العمران، وقال إن «الله سبحانه وتعالى منحنا نعمة النظر، فالعين ترى وتنقل ما تراه الى القلب والعقل، فأي شيء تنظر اليه ولم يشعرك بالراحة الداخلية والنفسية فإنك تمتعض وتشعر بالضيق والاشمئزاز وعدم القبول والعكس صحيح، بمعنى عندما تسير في الشارع وترى لوحات عمرانية ذات جمالية وتخطيط فإنك تشعر بالارتياح، وينعكس ذلك على ادائك حتى في العمل، بينما عندما تشاهد طفرة عمرانية ليست ذات قواعد وتخطيط بل مجرد خبط عشواء فإنك تشعر بالضيق وعدم القبول، وتتأثر نفسيتك في البيت والعمل».الكويتي يخجل من العاصمةأكد خالد الخالد أن مصالح الدولة والمواطنين ورجال الاعمال معطلة، ويخجل الكويتي من اصطحاب زوار الكويت إلى العاصمة، في ظل وجود المباني القديمة والمساحات الفارغة غير القليلة، والروائح الكريهة والشوارع الضيقة والازدحام المروري الخانق، وقلة المواقف والبنى التحتية المتهالكة وكثرة الادارات الحكومية، ورأى أن استمرار الوضع وتأجيل الحلول ورفض نتائج الدراسات المتكررة لتطوير العاصمة، سيلقي بظلال الشك في وجود رغبة صادقة في تطوير العاصمة، وكل ما نخشاه ان يكون هناك من يضع العصا في عجلة تطوير العاصمة لوجود مصالح شخصية أو الاستفادة من الاراضي فيها.تعليقاتلا يلام القطاع الخاص عندما يرى الحبل على الغاربخالد الخالد المخطط الهيكلي خضع لتأويلات كثيرة حتى بات مسمار جحاقيس الغانمالتطور العمراني ليس جهداً فردياً… والأهم مراعاة الأمور الفنيةمزيد المطيري
المجلس البلديعضو المجلس البلدي خالد الخالد يوافق على وجود طفرة عمرانية «ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هي طفرة عمرانية منظمة ام مجرد فوضى؟ في الواقع هي طفرة عمرانية تقودها متطلبات السوق الحالية من دون نظرة مستقبلية، فكان من نتيجتها ارتفاع اسعار العقار وتهافت الناس على سوق العقار بقصد الربح، مما افرز حالات مخالفة كزيادة نسبة البناء والارتفاع بقصد زيادة العائد وتضخيمه، فنشاهد تلك العمارات الشاهقة بهذه الطريقة، لكن هل البنية التحتية للمدن تتلاءم مع هذه النوعية الجديدة من البنايات؟». ورأى الخالد ان «السوق يسبق البنية التحتية، وهذه هي المشكلة الرئيسية التي تؤدي الى الفوضى، فعندما تكون ادارات الدولة والجهات، التي تضع التشريعات والقوانين، في حالة لا تتماشى مع متطلبات السوق تكون الفوضى، وهو ما نراه حاليا في الكويت، اضافة الى أن السياسات العمرانية العالمية غير متبعة عندنا في الكويت، فالسوق يتطلب امورا والبلد لا يتفهمها، واقصد هنا البلدية صاحبة القرار في اصدار اللوائح، او بمعنى ادق الجهاز التنفيذي، فهو في وضع لا يتفهم متطلبات السوق».شارع فهد السالموأوضح الخالد: «عندما تريد بناء عقار فلوائح البلدية تنص على ان تبني على 50 في المئة من مساحة الارض، والـ 50 في المئة الاخرى ارتدادات وفضاءات حول البناء، هنا التناسق العمراني يصبح مشتتا وغير واضح، وانظر مثلا الى شارع فهد السالم تجد البنايات متلاصقة وبصورة متناسقة في خط واحد، بشكل يريح العين والنظر، عكس اماكن اخرى تفتقر الى التناسق فتخلق احساسا بالضيق، وهذه في الواقع امور فنية يجب مراعاتها لتكون العملية برمتها منظمة وتعكس تطورا في البلد، لكن للاسف هذه الامور غير موجودة وغير مدروسة بصورة جيدة، علاوة على نقطة اخرى مهمة اود الاشارة اليها، وهي ان واضعي اللوائح في البلدية يركزون غالبا على ملاحقة المخطئ بشكل اكبر من سعيهم الى ابراز الناحية الجمالية للبناء». ورأى أن المشكلة تكمن في غياب النظرة المستقبلية في ما يخص الشكل العام للمدينة، وماذا ستكون عليه في المستقبل، فالعمارات التي نراها حاليا لا تعدو ان تكون مجرد اجتهادات من قبل اصحابها، أحدهم يريد مبنى شاهقاً على شكل ما مع الحسبة الاقتصادية، فيكون له ما يريد خارج اطار مخطط عام او نظرة مستقبلية عامة للبلد، ففي معظم انحاء العالم المتقدم تجرى مراعاة متطلبات القطاع الخاص المعني بالبناء، لاسيما البنية التحتية، أما لدينا فالجهاز التنفيذي والقطاع الخاص، بينهما تباعد بدلا من التنسيق والتوافق.نظرة مستقبليةوأشار الخالد الى أن «دعم الدولة للقطاع الخاص يكاد لا يوجد، والدولة لا تعتبره العمود الفقري للاقتصاد، أو بمعنى ادق، شريكا رئيسيا في العملية العمرانية كلها، مع العلم ان القطاع الخاص ينفذ القرارات التي يتخذها الجهاز التنفيذي بشكل ممتاز لانه اكثر تطورا من القطاع العام، ويسعى على الدوام الى تطوير نفسه لتعظيم العائد، فلديه بحوث واستشارات اكثر، ونزوع الى ما يشهده العالم المتطور من مظاهر عمرانية حديثة ومتطورة، ذات نظرة مستقبلية، وعلى سبيل المثال المباني الذكية، ولا يخفى على احد مميزاتها لجهة التوفير بكل انواعه ومراعاة الامور البيئية». ورأى أن الحل يكمن في إنشاء «لجان مشتركة تضم القطاعات الحيوية في البلدية وممثلين عن القطاع الخاص، فتقوم البلدية بوضع اللوائح الجديدة المناسبة او تعديل القديمة، بينما يقدم القطاع الخاص امكانياته الضخمة والخبرات العالمية والمستشارين العالميين، وبالمحصلة تكون النتيجة ايجابية، ولنا في شارع فهد السالم خير مثال، وبالتالي سنرى نتائج ممتازة تنعكس ايجابا على واقع البلد العمراني». المخطط الهيكليولفت الخالد الى أن المخطط الهيكلي لن يكون له مفعول السحر على البلد، وفي الحقيقة هو لا يتضمن نظماً متطورة كما يروج، بل ينطوي على عيوب كثيرة، لكننا أصررنا عليه لان وجوده افضل من عدمه، فهو سيحدد معايير البلد بشكل واضح لجهة نسب البناء والتقسيمات التجارية والاستثمار السكني وضبط الامور، فالمخطط الهيكلي يصدر بمرسوم، ولهذا فأي تعديل عليه يجب ان يكون تعديلا على المرسوم الصادر من مجلس الوزراء، وهذا الامر سيحد عمليات التلاعب والتغيير. وزاد «المخطط الهيكلي يقدم تصوراً واضحاً لما سيكون عليه حال البلد عمرانياً للسنوات العشر المقبلة على الأقل، ولو اسقطنا الموضوع على الكويت العاصمة فسنعرف بموجبه نسبة البناء التجاري من الاستثماري من السكني، أي ستكون هنالك منهجية واضحة، في حين ان ما نراه حاليا هو مجرد فوضى عمرانية».القطاع الخاص وقال الخالد إنه يثق بالقطاع الخاص «إذا كان عمله يندرج في اطار ضوابط محددة، ويكون خاضعا للرقابة الفعلية، لكن المشكلة في الكويت هي أن الرقابة تجرى من خلال قوانين وليس من جهاز تنفيذي قادر على الرقابة والمتابعة بشكل جاد، لهذا فقوانيننا تصدر عقيمة، أي غير قابلة للتطبيق، والطامة الكبرى ان الجهاز التنفيذي لا يقوم بجولات للبحث عن الخطأ في البناء، بل يمنع البناء اصلا إلا وفق شروط يضعها، وقد تكون تعجيزية احيانا فيقف حجر عثرة امام التطوير والتحديث العمراني»، ومن هذا المنطلق «لا يلام القطاع الخاص، فعندما يرى الحبل على الغارب يقوم بعمليات البناء العشوائية بقصد الربح، مع العلم انه مستعد للتعاون مع الدولة إذا ما وجدت الرؤية السليمة والتعاون المطلوب لفائدة الطرفين». النظرة النفسيةأشار المهندس المطيري الى ما أسماه «النظرة النفسية» في العمران، وقال إن «الله سبحانه وتعالى منحنا نعمة النظر، فالعين ترى وتنقل ما تراه الى القلب والعقل، فأي شيء تنظر اليه ولم يشعرك بالراحة الداخلية والنفسية فإنك تمتعض وتشعر بالضيق والاشمئزاز وعدم القبول والعكس صحيح، بمعنى عندما تسير في الشارع وترى لوحات عمرانية ذات جمالية وتخطيط فإنك تشعر بالارتياح، وينعكس ذلك على ادائك حتى في العمل، بينما عندما تشاهد طفرة عمرانية ليست ذات قواعد وتخطيط بل مجرد خبط عشواء فإنك تشعر بالضيق وعدم القبول، وتتأثر نفسيتك في البيت والعمل».الكويتي يخجل من العاصمةأكد خالد الخالد أن مصالح الدولة والمواطنين ورجال الاعمال معطلة، ويخجل الكويتي من اصطحاب زوار الكويت إلى العاصمة، في ظل وجود المباني القديمة والمساحات الفارغة غير القليلة، والروائح الكريهة والشوارع الضيقة والازدحام المروري الخانق، وقلة المواقف والبنى التحتية المتهالكة وكثرة الادارات الحكومية، ورأى أن استمرار الوضع وتأجيل الحلول ورفض نتائج الدراسات المتكررة لتطوير العاصمة، سيلقي بظلال الشك في وجود رغبة صادقة في تطوير العاصمة، وكل ما نخشاه ان يكون هناك من يضع العصا في عجلة تطوير العاصمة لوجود مصالح شخصية أو الاستفادة من الاراضي فيها.تعليقاتلا يلام القطاع الخاص عندما يرى الحبل على الغاربخالد الخالد المخطط الهيكلي خضع لتأويلات كثيرة حتى بات مسمار جحاقيس الغانمالتطور العمراني ليس جهداً فردياً… والأهم مراعاة الأمور الفنيةمزيد المطيري