– الأرقام تظهر في الحسابات الموثقة
– بعض المشاهير عمد إلى إخفاء عدد المتابعين
– مريم البحر لـ«الراي»: حق التقاضي مكفول لأي شخص تعاقد مع شخصية مشهورة وكان بناء على الاتفاق أنه عادة ما تكون المشاهدات بهذا العدد
– أريج حمادة لـ«الراي»: يقع التزوير على من استغل حسن نية المكلف بكتابة المحرر فأملى عليه بيانات كاذبة على أنها صحيحة
التحديث الجديد كشف المستور…!
فصباح أمس، استيقظ مشاهير التواصل الاجتماعي، الذين وثّقوا حساباتهم رسمياً، على تطبيق «سناب شات» (Snapchat)، على مفاجأة بالأرقام، فرضها تحديث جديد أظهر بصورة مباشرة لكل الناس عدد المشتركين الحقيقيين (Subscribers)، والذين هم بمعنى أدق المتابعين الذين يرغبون في الاطلاع على المحتوى الذي يقدمونه.
التحديث بات شبحاً حقيقياً، يحاكي شعار «سناب شات» الذي يبدو وكأنه «شبح أبيض». ومعه ذاب «جبل المتابعين» الذي كان يتخفى وراءه بعض المشاهير، فسارع عدد منهم إلى إخفاء هذه الخاصية (التحديث الجديد يتيح للمشترك الإخفاء)… ولكن بعد فوات الأوان.
ومعلوم أن بعض المشاهير كان يحاول في السابق ألا يكشف الرقم الحقيقي لعدد متابعيه أمام المعلن، والبعض الآخر أيضاً كان يبالغ في صحة العدد.
تأييد للخطوة
وما إن انتشر خبر تفعيل هذه الخاصية، التي أثارت جدلاً واسعاً في مواقع التواصل، حتى بدأ الناس يكشفون أرقام متابعي المشاهير من دون استثناء، لدرجة أنهم أطلقوا هاشتاغ على «تويتر» حمل عنوان «تحديث السناب»، عبروا فيه عن تأييدهم لهذه الخطوة التي أوضحوا أنها ستكون رادعاً لكل من يتلاعب بعدد متابعيه، مستغربين ممن عمد إلى إخفاء الخاصية.
«الراي» جالت بصورة عشوائية بين حسابات المشاهير الموثقة لمعرفة عدد متابعيهم الحقيقي، حيث اتضح أن البعض منهم إما لم يقدم على خطوة التحديث «update» أو اعتمد خاصية الإخفاء، وبالتالي لم يظهر للعامة عدد المتابعين، في حين أن البعض الآخر حرص على التحديث والتباهي بالعدد الذي يمتلكه من متابعين، فيما عمد البعض الآخر إلى الإخفاء بعد الإظهار.
بالقانون
الأرقام التي ظهرت، فتحت الباب أمام سؤال عما إذا كان يحق لمن تعاقدوا مع المشاهير على الترويج لمنتجاتهم، طبقاً لعدد المتابعين، واتضح في ما بعد أن العدد غير صحيح، أن يلجأوا إلى القضاء.
وللوقوف على الرأي القانوني، تواصلت «الراي» مع المحاميتين مريم البحر وأريج حمادة.
ورأت المحامية مريم البحر أن «حق التقاضي مكفول للجميع ويحق لأي شخص تعاقد مع شخصية مشهورة وكان بناء على الاتفاق أنه عادة ما تكون المشاهدات بهذا العدد، أن يقدم شكوى».
وأضافت «لكن من وجهة نظري القانونية، إثبات هذا الغش يعتبر صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً، وذلك لأن عدد المشاهدات يختلف عن عدد المشتركين. ففي الوقت الذي يكون فيه المشتركون مثلاً مليوناً، من الممكن أن تكون المشاهدات عشرة ملايين، وذلك لأن هذه البرامج، والتي تتصف بكونها برامج عامة، يحق لأي شخص أن يشاهد محتواها من دون أن يقوم بعمل اشتراك، ما يجعل عملية إثبات عدد المشاهدات مختلفاً وفقاً للعرض والمحتوى المقدم من قبل أصحاب الحسابات، وعلى حسب يومياتهم، ناهيك عن جزئية تغيّر أفكار المتابعين».
وتابعت «قد أقوم بالاشتراك كمتابع لك اليوم، وغداً أو بعد فترة، لا يعجبني ما يتم تقديمه من محتوى أو أفكار، فيتم إلغاء المتابعة، وبناء عليه قد يختلف عدد المتابعين اليوم عن الغد، ما يكون معه الجزم بعدد المتابعين أو ثباته يومياً يعد من قبيل الاستحالة».
وأردفت «لذلك، أرى أنه لا يوجد أي داعٍ لرفع مثل هذا النوع من القضايا، وذلك لصعوبة ان لم يكن استحالة إثبات إن كان هناك تعمد الغش أو كانت فعلاً المشاهدات متفاوتة وفقاً للمحتوى المقدم من قبلهم».
من جانبها، رأت المحامية أريج حمادة أنه «في ما يتعلق بمسألة التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فعلينا أن نفرّق بين شراء متابعين أو شراء مشاهدين لإيهام المعلن بأنه مؤثر ليحصل على عقد إعلان تجاري، في هذه الحالة يكون المشهور أو المؤثر قد ارتكب جريمة التزوير والتزييف. فالمشرع الكويتي قد عرّف التزوير بأنه كل تغيير للحقيقة في محرر بقصد استعماله على نحو يوهم بأنه مطابق للحقيقة، ويقع التزوير أيضاً إذا اصطنع الفاعل وأدخل تغييراً عليه، سواء بالحذف أو الإضافة».
وأضافت «يقع التزوير كذلك إذا غيّر الشخص المكلف المحرر معناه، أي بإثبات فيه واقعة غير صحيحة على أنها صحيحة، بالإضافة إلى وقوع التزوير على من استغل حسن نية المكلف بكتابة المحرر، فأملى عليه بيانات كاذبة على أنها صحيحة».
وتابعت «القانون الكويتي يعاقب من ارتكب جريمة التزوير في المحررات العرفية بالسجن أو الغرامة المالية، وحيث إن جريمة التزوير تهدف إلى تغيير الحقيقة للحصول على مصالح خاصة تؤدي إلى اضطراب الثقة في التعامل لدى أفراد المجتمع لما فيها من أضرار بمصالح الأفراد والثقة بالتعامل وتخل بضمان استقرار التعاملات التجارية، وفي حال استخدام التزوير في العقود كما هو حاصل مع بعض المشاهير وتزويرهم لعدد متابعيهم ومشاهديهم، فإن العقد في هذه الحالة يعتبر باطلاً ولا ينتج أي أثر، ويحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه ويطالب بالتعويض، مع العلم أن دعوى البطلان تسقط بمرور 15 عاماً من تاريخ التعاقد، وفي حال تم إبطال العقد، فإن ذلك يعني إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل التعاقد، وذلك تطبيقاً لنص المادة 257 من قانون الجزاء رقم 16/ 1960، والتي تنص على أنه (يعد تزويراً كل تغيير للحقيقة في محرر بقصد استعماله على نحو يوهم بأنه مطابق للحقيقة، إذا كان المحرر بعد تغييره صالحاً لأن يستعمل على هذا النحو، ويقع التزوير إذا اصطنع الفاعل محرراً أو نسبه إلى شخص لم يصدر منه أو أدخل تغييراً على محرر موجود سواء بحذف بعض ألفاظه أو خاتمه أو بصمته على المحرر دون علم بمحتوياته أو دون رضاء صحيح بها)».
وأردفت «وتطبيقاً أيضاً لنص المادة رقم 258 من القانون ذاته، والتي تنص على أن (كل من ارتكب تزويراً، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة مالية لا تقل عن ثلاث آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين)».
وأضافت «يشترط توافر النية، أي قيام المشهور بشراء متابعين أو مشاهدين بقصد الحصول على إعلانات تجارية، وهذا ما يعرف بالقصد الجنائي، وهو أن تتجه إرادة الجاني إلى مباشرة السلوك الضار المتمثل بالتزوير».
وختمت «يطلق على تزييف المتابعين والمشاهدين لدى مؤثري التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة (سوق النصب والتزييف)، إذ إن بعض من يسمون بالمؤثرين في التواصل الاجتماعي، يشترون متابعين مزيفين بعشرات الآلاف ليحصل هؤلاء على ثروات هائلة من شركات الدعاية والإعلان. ولأن الجميع مستفيد من ذلك، لذا لا نجد أي تدقيق من برامج التواصل الاجتماعي على الحسابات الوهمية».